اليمنيون لن يتحملوا تبعات الوباء!
في ظل الاوضاع المزرية للقطاعات الخدمية وخاصة الطبي، وشح الامكانات المحلية، وانشغال العالم عن الفقراء في هذه المرحلة، فإن اقل ما يمكن ان يقدمه قادة الفصائل المتناحرة هو السماح بل والأمر للمعنيين في القطاع الصحي بالتواصل المباشر وليس عبر المبعوث الدولي، لان انتقال المعلومات حول الوباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المنتشرة كالجراد هو من اخطر عوامل الهلع والفوضى. نعلم اننا منذ عقود نعيش بدون نظام صحي قادر وكفؤ لمواجهة أوبئة وأمراضا اقل فتكًا وخطرًا على الانسان، ولم يتمكن حتى الان من السيطرة على حمى الضنك و”المُكرفس” والكوليرا، فكيف نتوقع منه التعامل مع الكورونا. اليوم لا يمكن انجاز مواجهة إيجابية عبر توجيهات تصدرها حكومة اغلب أعضائها غائبون عن الناس ومنشغلون بنشر صورهم وفيديوهات تروج لنشاطاتهم في مهجرهم، ويقضون اغلب الوقت في نشر غسيل بعضهم القذر او الدفاع عن انفسهم. أما حكومة صنعاء فقد ظلت تفضل ان تعيش دائرة الإنكار لانها تعفيها من الالتزامات التي تصاحب الاعتراف، وحجة نقص الموارد قد تكون مبررا واقعيا ولكن التباطؤ في توعية الناس كان اقل القليل الواجب وهو ما فعلته على استحياء الأسبوع الماضي. الوباء بدأ في ديسمبر 2019، وتجاهلته دول كبرى تدفع اليوم أثمانًا باهضة لتدارك الخطأ لكنها قادرة في نهاية المطاف من السيطرة عليه وتحمل كلفته المالية وتبعاته الاقتصادية. اما نحن في اليمن فالكل يعلم ان الموظفين بلا مرتبات من ٥ سنوات وادخال المواد الغذائية والأدوية يمر عبر شبكة معقدة ولا يستطيع تحمل الأثمان الا الأثرياء، ومع ذلك فإن هم قادة الحرب هو كيف يعملون لتستمر ولو على حساب من تبقى داخل الوطن او يعيش عالقا خارجه. وقف الحرب وإعادة تشغيل الموانئ والمطارات لاستقبال الأدوية والأغذية خطوات حيوية لا يجوز اخلاقيا وضع العراقيل أمامها، ورغم ان لكل محاذيره الا ان الممكن مؤقتا هو وضعها تحت رقابة مشتركة بإشراف الامم المتحدة لإزالة مخاوف استخدامها لغير أغراضها الإنسانية والمدنية. هل يرتفع منسوب المسؤولية الأخلاقية عند المسؤولين اليمنيين اولا كي يتفرغون لانقاذ البلد ويلتفتون لمرة واحدة الى الناس ويشعرون بحجم المأساة التي صنعوها لأغراض سياسية؟ كل يوم في هذه الحرب هو عبء ستتحمل كلفته الأجيال القادمة التي لن تقوى على سدد كلفة حماقة وجشع السياسيين الحاليين الا باللعنات.