عوامل فشل ذاتية في بنية “العقل الإخواني”
مشاكل جماعة الإخوان في اليمن، كما في غيرها، ذاتية في بنية العقل الإخواني، وطريقة صناعة الأفراد في الجماعة، ونظرتهم لأنفسهم ولجماعتهم والمجتمع.
ليست الإمارات هي مشكلة الجماعة، ولا السعودية الحل.
لو انسحبت الإمارات مش من اليمن فقط لو اختفت الإمارات من المنطقة، ستظل مشاكل الإخوان مع مجتمعاتهم كما هي.
ولن تستطيع أي قوة في العالم أن تلبي طموحات الجماعة، لأنها طموحات خرافية وأسطورية وخارج قدرة الناس على القبول بها.
في تاريخ صراعهم مع جمال عبدالناصر، كانوا يصورون عبدالناصر على أنه كل المشكلة وأن زواله سيكون المخرج.
مات عبدالناصر وجاء بعده من جاء، وظلت الجماعة تدور في نفس الدائرة المغلقة، لا تتراجع ولا تتحدث مع نفسها، ولا تعود بنقد مناهجها وقادتها، وتكتفي بالحديث عن عدو جديد تحمله كل شيء وتشيطنه.
هذه الجماعة مرضها مزمن وعضال، لا ترى مجتمعها إلا من خلال العضوية والولاء للتنظيم، ولهذا تصطدم دائماً وأبداً مع مجتمعاتها مهما تخفت واختبأت وحافظت على اختفائها خلف تيارات أو مكونات أخرى.. يأتي اليوم الذي تخرج فيه الجماعة عارية تقول للمجتمع كله إما أن تتحول لجماعة الإخوان المسلمين وتخضع لها بكل تياراتك واتجاهاتك وإما الحرب، حرب التكفير والتخوين والتجريد من الوطنية أو من الدين ومن بعدها حرب الاغتيالات والمفخخات وإدارة المجتمعات بالخوف والرعب والتوحش حتى تخضع.
لكن كل التجارب قالت المجتمعات والشعوب لا تخضع، وإن ارتبكت في فترة من الزمن بفعل الخوف والإرهاب والرعب واستخدام الخطاب الديني، إلا أنها تستعيد نفسها بعد وقت قصير، حين يأخذ الخوف مداه وينكسر الحاجز ويصبح القتل خبرا يوميا لا يثير الرعب بل يبعث الغضب وبوادر التمرد.
لا تخضع المجتمعات للجماعات، لأن المجتمع أكبر وأقوى وأعمق من الجماعة، مهما كانت قوتها وزيفها وتخفيها واختباؤها وتضليلها.
وإذا كانت مرحلة السبعينات قد أتاحت للجماعة، سنية كانت أو شيعية، فرصة للتمدد في مواجهة الشيوعية في رغبة غربية بحتة، فمرحلة ما بعد داعش وعصر الانتحاريين التي هي نتاج المشروع الإخواني سلبت تلك الفرصة وحولتها لخطأ يتداعى العالم لتصحيحه خوفاً من الرعب العابر للحدود الوطنية والعابر للقارات.
هذه الجماعة لا تقبل النقاش، ولا تؤمن بالحوار، ولا يمكن معها التعامل مع المراحل، وهي تريد اليوم من العالم أن يتعامل معها كما كان يعاملها مطلع الثمانينات.
كل المتفائلين بحوار جدة عليهم أن يتريثوا ويستعينوا بالتشاؤم أكثر من إشاعة أجواء التفاؤل.