تعددت الذرائع والمستهدف الجنوب
ليس خلافهم مع المجلس الانتقالي الجنوبي فقط، ولن يكتفوا برأسه لو أُتيحت لهم الفرصة،بل مع أي قوة جنوبية تتمتع بقوة جماهيرية وعسكرية وتتبنى القضية الجنوبية بصورة جادة أو حتى شبه جادة.
فلو خبا وهج الانتقالي وأتى غيره بالساحة لحاربوه بلا هوادة بذات الوتيرة التي يجابهون بها اليوم الانتقالي. يجب ألا تنخدع قوى مجالس الحراك الثورية والشخصيات الجنوبية التي ترضى عنها اليوم وسائل إعلام الشرعية والتي تظهر لها المودة والتودد، فـأن قويَّ عود هذه القوى الجنوبية وهذه الشخصيات المستقلة الموجودة بالداخل والخارج والتي تقف خارج إطار الانتقالي الجنوبي وتوسعت دائرتها الجماهيرية والعسكرية وتم ازاحة الانتقالي من المشهد لتم تدشين حرب الاستهداف عليها من قِــبل الدوائر التي تستهدف الانتقالي اليوم، استهدافا بذات درجة استهداف الانتقالي الجنوبي وبذات القوة وبنفس أساليب الغيلة.
مَــن يتذكّـــر أبّــان الأزمة اليمنية التي تلت الوحدة اليمنية عام 90م,كيف كان يصوّر إعلام الطرف المقابل للحزب الاشتراكي اليمني بأن الخلاف منحصرا مع الحزب الاشتراكي فقط وليس مع الجنوب ككل؟. ولكن ما أن انتهت حرب 94م التي تلت تلك الأزمة حتى تكشفت النوايا واتضح أن المقصود من تلك الحرب ليس فقط رأس الحزب الاشتراكي ولا المشروع الوطني الطموح” وثيقة العهد والاتفاق” فقط, بل الجنوب بدولته ومؤسساته وبحاضره وماضيه وهويته وإرثه ووجوده، لاستئصاله من الجذور. ولم يكن استهداف الاشتراكي سوى المبرر لذلك, وإلا ما علاقة الاشتراكي بتراث الجنوب ومتاحفه وقلاعه؟ ما علاقته بأرشيف ووثائق تضم تحف ومخطوطات وتسجيلات وعملات نقدية عمرها آلاف السنين. وما الحكمة من نهب أرشيف شعب وشحنه بحاويات كبيرة الى صنعاء إن لم يكن المقصود به طمس هوية ونزع واتلاف ذاكرة شعب.
اليوم التاريخ الحديث يعيد نفسه بسرعة. فاستهداف الانتقالي ليس إلّا مبررا لقلع الجنوب وقضيته من الأعماق ولاستكمال ما تبقى لديهم من مهمة للإجهاز على الجنوب نهائياً – او هكذا يتمون أن تمضي الأمور اليوم.
لا شك أن عمل المجلس الانتقالي يعتريه كثيرا من السلبيات ويتملكه شيء من الاضطراب، كما أنه لم يكن هو المظلة الجنوبية الشاملة والمثالية التي تطلّــعَ لها كثير من الجنوبيين، لكن هذا لا يعني مطلقا أن يتم رمي المجلس خلف الحَجَــب، أو تكون هذه الإخفاقات والسلبيات مبررا لمحاربته ،خصوصا أن هكذا تصرف سيجعل الجنوب مكشوف الظهر دون ممثلا لقضيته بالداخل والخارج، في وقت تعيش فيه كل القوى الجنوبية الثورية حالة من الضعف والتمزق، وتنهش جسدها ذئاب الاستقطاب و يفترسها داء الارتزاق.
الطريف بالأمر أن كثير ممن كانوا بالأمس – شماليون وجنوبيون – يعيبون على الحراك الجنوبي من أنه فسيفساء متناثرة من المكونات ولا يمتلك ممثلا واحدا للقضية الجنوبية أمام الداخل والخارج هم ذاتهم الذين انزعجوا من ظهور المجلس الانتقالي بالساحة، ليس منذ ظهرت اخفاقاته بل منذ اليوم الأول لإعلان تأسيسه، ومشترطين بعد ذلك أن يكون ممثلا من ملائكة منزهين من كل الخطأ والخطايا / وهذا يعني بالضرورة أن انتقادات أولئك القوم بالأمس لم تكن أكثر من كلمة حق أٌردوا بها ما نراه منهم اليوم .!