جوهر القضية باختصار
لا أدري لماذا يمتشق المثقف الشمالي (إلا أقل القليل) سيف الاتهام والعدائية تجاه كل من يتجرأ بطرح القضية الجنوبية على النحو الذي يخالف رؤيتهم ورؤية قادتهم لها، حتى يتهيأ لمن يتابعهم وكأن عفريتاً يتقمصهم أو يتقمصونه من الداخل ليطلقوا عنان الشتائم وتوزيع الاتهامات ولعن وشتم كل ما لا يوافقهم رؤيتهم.
القضية أبسط بكثير من التخاصم والتشاتم التنابز بالعدائية والتباري بالكراهية، وهي تتلخص في أن تجربة شراكة فشلت في أيامها الأولى، والبحث عن مخرج يحمي طرفي هذه الشراكة ويعيد لكل منهما حقه، ويؤمن طريق آخر لشراكات أكثر أمانا وأكثر عدلاً أكثر قابلية للرسوخ والبقاء هو الخيار الأمثل والآمن.
الذين يحولون القضية إلى طوطم مقدس، يدركون أنهم يتكئون على سند زائف وأن القضية ليست لها علاقة بالمقدس والمدنس وأن الموضوع تجربة بشرية قابلة للنجاح والفشل، وقد فشلت، والحل هو الإقرار بهذا الفشل وليس الإصرار على مواصلت؛ لأن الإصرار على مواصلة الفشل لن يقود إلا إلى استنساخ هذا الفشل بما هو أكبر منه، أما الاعتراف بالفشل فهو المدخل الرئيسي وربما الوحيد للخروج من نتائجه الكارثية .
بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، دمارٌ للجميع في سبيل وهمٍ لم يعد له مكان لا في الواقع ولا في الأحلام، والعودة لنظام الدولتين حلٌ ناجحٌ فيه منفعة للطرفين على السواء، ولن يخسر منه أحد إلا أصحاب المصالح غير المشروعة التي يلبسونها لباس الطهر والقداسة…! 0