ياسين نعمان مخاطبا صقور الشرعية :تناطح اليمنيون كثيراً فليتناصحوا قليلاً
تناطح اليمنيون كثيراً فليتناصحوا قليلاً
د. ياسين سعيد نعمان
– قلنا أهدأوا ، لا تشعللوا الأمور فوق ما هي مشعللة.. الوضع يتدحرج نحو المجهول . في اللحظات الصعبة اتركوا فرصة للعقل الفعّال وريحوا الدماغ المنفعل .
– إنتبهوا يا سادة ، الولولة بفك عرى التحالف لعب عيال .. الحوثيون غيروا نطاق الحرب ،وبدلوا في معطيات معادلتها، وأكسبوها بعداً مختلفاً بالصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تطلق على جيران اليمن شرقاً وغرباً وشمالاً وفي كل اتجاه. .. يعني باختصار أبعاد الحرب ومعادلتها ونطاقها تغير . وافهموا الباقي ، وهي أن المسألة تجاوزت قضية نريد أو لا نريد.. بات الأمر مرتبط بمستقبل المنطقة وأمنها كاملة . ترتيب الوضع العام في هذه المنطقة بما فيها اليمن ما بعد الحرب قضية مشتركة .
– هناك مشكلة في إدارة التحالف طالبنا بضرورة حلها مع كل ما اكتسبته من تعقيدات حتى لا يتطور الوضع إلى الأسوأ .. قلنا اتركوا الفرصة لرئيس الدولة بصبره وحكمته ، وجميعنا إلى جانبه، أن يعالج الوضع دون ضغوط أو ابتزاز ، ساعدوه بدلاً من إرباكه ، هتف البعض يسقط التفاهم دون أن يكملوا .. وماذا بعد؟؟ جندوا للشتم والإساءات عشرات المواقع وكثير من العاهات . مَش جديد .
– لم يتكاشف اليمنيون فيما بينهم لمعرفة أين أصابوا وأين أخطأوا .. ولو لمرة واحدة .. كل ما قاموا ويقومون به هو مغالطة انفسهم بمناكفات يستهلكون بها الزمن للتسريع بتحقيق منجز واحد وهو بقاء بلدهم في وضع مستنزف وفقير ومتخلف دون بقية بلاد الله .
– حتى في مؤتمر الحوار ، دفنت المشكلة حباً في الوصول إلى اتفاق . ثم اكتشفوا أن المشكلة كانت أعوص، وأن الاتفاق بسبب ذلك كان يحتاج إلى قوة تحميه لا إلى جماعات تستثمره أو أخرى تشيعه .
– لا يصمد في المعارك المصيرية إلا البسطاء ، أما ذوي الرتب ممن اصطفاهم الزمن بمعاييره المفخخة بالقبح فهؤلاء لا يهتمون سوى بمعاركهم الخاصة وسط كل الكوارث التي أغرقوا بها البلاد .
– المعارك الخاصة لا تؤهل الأوطان ، لكنها تؤهل الانتهازيين والارزقية ومقتنصي الفرص وكل الذين أمعنوا فساداً في الارض.. وفيها يتم تصنيف البشر وتوزيعهم في مربعات وخانات، هذا مشترى وذاك بياع ، ولا غير ذلك من معايير فهم الآخر. ما يثير الانتباه هو أن المتورطين في البيع والشراء هم أكثر الناس ضجيجاً في هذا الموضوع .
– تقتحم المعارك الخاصة حياتنا بعناوين ضخمة ، وعندما تنقشع هذه العناوين وتذروها الرياح لا تجد أمامك غير أكوام من القبح الذي يسخر منك ومن عبطك ..
– تعرض اليمن لخديعة تمثلت فيما أصاب أنظمته والنخب الدائرة في فلكها من لوثة كان من نتيجتها إقامة الجسور مع الماضي لا مع المستقبل ، فحيثما تجد جسراً من أي نوع كان تجده ينتهي وسط مستنقع تراكمت فيه مخلفات تحمل شعارات تمجد الوطن ، تفتش حواليك بحثاً عن هذا الوطن فلا تجد غير لصوص يتجولون بين هذه المخلفات ، يتصرفون كحراس المعبد في الأسطورة الإغريقية القديمة .. وفي هذا الخراب تجد ألواناً من العاهات التي خلفتها أنظمة القمع وجميعهم يتحدثون عن الوطنية بدوافع لا مكان للوطن فيها .
– كل أزمة تنتج أزمة أكبر وأعمق .. ويتدافع الجميع في مهرجان أشبه بملهاة ، يلطخون بعضهم ، ثم يفتشون عن غريم يمسحون فوقه بلاهتهم .
– تاريخ اليمن هو انتاج المشكلة والبحث عن غريم . إنتقل هذا المرض عبر الأزمان ، والأخطر أنه يتكرس في بنية مفخخة بألغام صنعناها وزرعناها بأيدينا ، ثم نطلب من الآخرين انتزاعها نيابة عنا مع احتفاظنا بالخرائط .
– مرة ثانية اتعوذوا من الشيطان وراجعوا حساباتكم بهدوء ، نتناصح بدلاً من النفاق والمجاملة واستعراض الفهلوة والحسابات الغلط .. الجبال الضخمة من الهم التي رمتها الإحداث فوق هذا البلد وشعبه ورئيسه لا تحتاج إلى من “يطينها” ولكن إلى من يساعد في حملها .
– تعود اليمنيون التضحية بالرجل الأول هروباً من مساءلة التاريخ ، وكانوا في ذلك الورثة الحقيقيين لميراث ملعون من الحكم الذي ينشئ فيه الحاكم حلقات نهايته بيده ، كل من حول الحاكم ينصت بخشوع لكنه الإنصات الذي ينشغل فيه الجميع بالتفكير في نهاية الحاكم . هذا الصمت يجب أن يملأ في هذ الظرف الصعب بما يستجيب لحاجة الفعل الذي يساعد البلد على الخروج إلى طريق سليم ، حتى لا يتورط في تكرار ذلك الميراث اللعين .
– لا داعي للبحث عن بطولات في زمن تلطخت فيه البطولات بما أصاب وطننا من كوارث .
نشوف ما الذي لنا وما الذي علينا ، الذي لنا نصطف لنأخذه بدون مبالغة في الخصومة والبطولات ، والذي علينا نعطيه بدون انحناءات صغيرة أو كبيرة .
– نفكر في الأكبر وفي المستقبل الأوسع والأهم من مصالحنا الخاصة ، ونتجاوز الصغار التي دفعتنا أثماناً باهضة .نتعلم كيف نختلف وكيف ندير الخلاف ،، أساتذة الوطنية يتنازلوا شوية وما فيش داعي للأقنعة ، ممكن يخاطبوا الناس بدون أقنعة افضل علشان الكلام يكون واضح ومفهوم .
– جدير بِنَا بعد كل هذا أن نتعلم شيئاً مفيداًمن كل هذه الكوارث.. الجنان الثورجي اكتشف البعض أنه مهمة مربحة على الصعيد الشخصي ، لكنهم أغفلوا أن كلفته باهضة على هذا البلد.