إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم
مع الأسف لم يحافظ البعض على ثباتهم وقناعاتهم؛ ولا حتى على الصورة التي انطبعت في أذهان الناس ولعقود؛ بصفتهم قادة للمجتمع؛ وهم خليط واسع من السياسيين والعسكريين والإداريين؛ وكذلك من التربويين والأدباء والإعلاميين وغيرهم؛ وكانوا رجال دولة فاعلون وناجحون في مهامهم؛ وأوفياء لوطنهم في السلوك والممارسة العملية؛ في عهد ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية )؛ فإذا بالبعض اليوم وفي هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها الجنوب؛ اختاروا لأنفسهم طوعًا موقف ( الحياد ) وكأن الأمر لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد.
وتحول غيرهم إلى مربع النفاق السياسي وارتضوا لأنفسهم لأن يكونوا مجرد ( صدى ) وخلفية ظل سوداء لأولئك الذين يتآمرون على شعبهم وتضحياته العظيمة؛ أما بدافع المصلحة العابرة؛ أو بحسابات أخرى يجانبها الصواب؛ وطغت عليها كما يبدو التقديرات المشوشة والملتبسة للوضع القائم حاليًا في الجنوب؛ وربما الاستخفاف بقدرة وإرادة شعبهم الوطنية الحرة؛ ليحتل اليأس مكانه في صدورهم عوضًا عن الأمل والثقة بانتصار الجنوب لقضيته الوطنية العادلة.
إنه الشعب الذي باسم الدفاع عن حريته واستقلاله وتقدمه؛ دخلوا معترك الحياة السياسية والعملية أساسًا وبقناعة منهم؛ ومن أجل خدمته ومن أموال الشعب علمتهم الدولة ودربتهم وأهلتهم وفي كل التخصصات؛ ليؤدوا دورهم في مؤسساتها المدنية والعسكرية؛ حتى نالوا تلك المواقع والدرجات القيادية؛ وهو نفس الشعب الذي منحهم ذات يوم تلك الصفات والألقاب الرفيعة التي مازال البعض يقتات منها وباسمها؛ ولما كانت لهم من مكانة حينها لم تعد اليوم كذلك ولأسباب كثيرة؛ وأصبحت في وضع مختلف وأمامها أكثر من علامة استفهام وتعجب؛ بل وحسرة على ضمور الوفاء الوطني لديهم؛ حتى ولو من باب رد الجميل لشعبهم الذي يحتاج منهم لموقف علني مسؤول؛ يناصره في محنته وآلامه التي يعيشها اليوم دفاعًا عن قضيته ومستقبله؛ ومن نعنيهم هنا ليسوا بالعدد القليل؛ بل بالآلاف مع الأسف الشديد.