لسنا شرقاً ولا جنوباً لليمن السياسي وكهنوته
منذ خطيئة يمننة استقلالنا بجعلنا جنوباً يمنياً، والتيه السياسي يراكم تيهاً على تيه، فغدا الاستقلال منقوصاً لا يكتمل إلا بخرافة إعادة الوحدة حتى انتهى بنظام الاشتراكي أن (يكب) نفسه وما تبقى من استقلال في (ثبان) قبيلة صنعاء السياسية، في مشهدية نشاز غدا بها الحدث، بكوميديا سوداء، انتصاراً تاريخياً!
الآن، على نهج من جعلوا دولة استقلالنا جنوباً يمنياً، أو يمناً جنوبياً، أو شطراً جنوبياً، على خلفية قومية هشة، يروّج آخرون، للالتحام باليمن السياسي، وإرباك مسار تصحيح خطيئة يمننة الجنوب، فرية سياسية تزعم أن شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى شرقاً يمنياً، تبدأ منه يمننة سياسية جديدة أشد وأعتى، يقف خلفها أتباع لحزبين من أحزاب القبيلة السياسية في صنعاء هما: الإصلاح والمؤتمر ، متخذين من وادي حضرموت منصة ترويج.
لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، فمن هندسوا الإقليم الشرقي – خاطفي القرار والثروة والسلطة – لم يهندسوه حباً في سواد عيون أهل شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، ولكن لضرب هذا بهذا، ليضع ذاك في صنعاء رجلاً على رجل، قائلاً: هيا تصافوا في ما بينكم. فلا فكاك لكم من يمننة سياسية وُجدت لتبقى، بقومية، بماركسية، بإسلاموية، بكهنوتية، لا فرق، فالعناوين متغيرة واليمننة السياسية هي الثابت، ولو بالبوذية إن اقتضى الأمر!
من وقعوا على مذكرة ما سمي بالإقليم الشرقي ممن شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء 2013 – مع التقدير لهم كأشخاص – لم يكونوا يمثلون سوى أنفسهم ومن اختارهم وأحزابهم ولاسيما الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام، وهما حزب واحد في المنشأ، تقاسما الأدوار فقط، وفق عقيدة سياسية توسعية على خلفية أساطير الواحدية والحق التاريخي ثم الإلهي.
.
الآن، بعد 8 سنوات حرب بسبب الأقاليم والحوار الوطني، يحاولون خلط الأوراق بالحديث عما أسموه الإقليم الشرقي، لإظهار (قضية دولة الجنوب)، كقضية تتنازعها جماعات من هواة تشكيل المجالس والمكونات، ولكل منهم فيها مآربه. وبذلك فهم يقدمون خدماتهم – كما كان أغلبهم يقدمها خلال 30 عاماً، لحزبي القبيلة السياسية – لتعزيز موقفهما التقاسمي الضعيف على طاولة الحوثي سيد عاصمتهم اليمنية، التي كانت ولا تزال تدار ، وفق منهجها السياسي والقبلي، مخططات نهب القرار والثروة والسلطة في حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، وعدن ولحج وأبين، (محافظات الدولة العربية المستقلة التي دخلت شريكاً في إعلان وحدة سلمية انتهت بالحرب).
باختصار …
من لم تزل في رقبته بيعة سياسية أو إيديولوجية لأي من تلك الأحزاب قاصر عن أن يدعي حتى مجرد الحديث عن مستقبل هذا الوطن المستلبة إرادته وهويته، فحزب (الإصلاح – المؤتمر) هو الذي دمر ، وعمّق الفساد الشامل، حتى سلم رئيسه رابع عاصمة عربية لوكلاء إيران: جماعة الحوثي كهنوت اليمننة الجديدة التي يروج هؤلاء اليوم لإقليمهم الشرقي تحت إبطه السياسي.