«كوب28».. انتصار رهان الإمارات
بإعلان «اتفاق الإمارات» 2023 للمناخ، يكون كوكب الأرض قد دخل حقبة جديدة من التاريخ. وما أنجز في مؤتمر الأطراف «كوب28» يعد خطوة حقيقية للتعامل الجاد مع تغيرات المناخ، وتفتح أنماطاً متعددة للتنافس الاقتصادي العالمي، التي ستساهم بإحداث التغيرات المناخية التي تضمن استمرارية الوجود البشري على هذا الكوكب. ومع ذلك، فإن الإشارة إلى ما نجحت فيه الإمارات يعود إلى الرهان على اختيار معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ليرأس المؤتمر التاريخي.
سلطان الجابر يرأس إدارة «أدنوك» الشركة العملاقة النفطية، كما أنه يرأس إدارة «مصدر» إحدى أهم الشركات العالمية في إنتاج الطاقة المتجددة، هذا ليس تناقضاً بمقدار ما هي معادلة الواقع والمستقبل معاً، الإمارات وهي المعروفة بأحد كبار منتجي البترول في العالم فهي أيضاً الرائدة عالمياً في إنتاج الطاقة المتجددة، اعتمدت هذه الفلسفة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً واستثمرت البلاد في مشاريع كبرى حول العالم لإنتاج الطاقة المستدامة، كما أنها بالفعل تنتج الهيدروجين الأخضر، كما أنها تحصل على جزء مهم من حاجتها للطاقة من محطة «براكة» النووية، كل هذا يحدث حقيقة في الإمارات، كما أن مشاريع إنتاجها للطاقة المتجددة موجودة في عدن، والمغرب، ومصر، والسعودية، والأردن، وموريتانيا، وإندونيسيا، وألمانيا، وأرمينيا، وأوزبكستان، وصربيا، واسكتلندا، وبولندا، وإنجلترا، وجنوب أفريقيا، والسنغال، والولايات المتحدة الأميركية.
هذا ما يقوم به سلطان الجابر، فهو يقوم بالمعادلة التي يراها البعض مستحيلة، بينما يراها الإماراتيون ممكنة. الاستثمار في المستقبل يبدأ عند الإماراتيين منذ الأمس، وليس اليوم. لذلك، فهو يقود عملية التحول الصحيحة، التي قاتل فيها بشجاعة منذ تكليفه الرسمي بإدارة النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف. وهذا المؤتمر كان محطة تاريخية، على اعتبار أنه يمثل النقطة الحاسمة لتحويل تفاهمات مؤتمر باريس للمناخ الصادرة في العام 2015 إلى التزامات لدول العالم، لتنفذها عملياً، وتستهدف منع زيادة درجة احترار العالم على 1.5 درجة مئوية، مقارنةً بمرحلة ما بعد الحقبة الصناعي. وهذا يقتضي خفضاً في إنتاج الوقود الأحفوري، وزيادة إنتاج الطاقة المتجددة.
«اتفاق الإمارات» اعتمد إطلاق صندوق «ألتيرّا» للاستثمار المناخي، من أجل تحفيز استثمارات العمل المناخي، كما أنه اعتمد لأول مرة الحد من غاز الميثان والانبعاثات الأخرى.. خطوات عملية توافقت عليها الدول والتزمت بها بعد مثابرة وجهد كبير لإحداث التوافق على هذا الاتفاق الذي أنجز في مدينة «إكسبو دبي» أيقونة الاستدامة على هذا الكوكب.
اتفاق الإمارات للمناخ هو نتيجة لرؤية استراتيجية وحكيمة للقيادة الإماراتية، التي تسعى دائماً للمساهمة في حل المشكلات العالمية وتعزيز السلام والتنمية المستدامة. ويعكس الاتفاق التزام الإمارات بالتحول الأخضر والابتكار والتعاون مع الشركاء الدوليين لتحقيق أهداف اتفاق باريس وخطة 2030 للتنمية المستدامة. وقد أظهرت الإمارات بالأرقام والحقائق قدرتها على خفض انبعاثاتها وزيادة نسبة الطاقة المتجددة في مزيجها الطاقي وتنويع اقتصادها وتعزيز قدراتها البشرية والتكنولوجية. وقد حصلت الإمارات على تقدير وثناء من المجتمع الدولي لدورها الريادي والمسؤول في مواجهة تغير المناخ والتخفيف من آثاره. ونحن نتطلع إلى رؤية المزيد من الإنجازات والمبادرات الإماراتية في هذا المجال، ونأمل أن يلهم اتفاق الإمارات للمناخ الدول الأخرى للانضمام إلى هذه الجهود الجبارة لحماية كوكبنا ومستقبلنا.
وهنا نستذكر المقولة الخالدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله: «الدول ليست بالحجم.. الدول بالإرادة ولا تستهينوا بإرادة الرجال»، الإرادة هي التي تصنع ما يراه الآخرون مستحيلاً، بينما في الإمارات لا وجود لهذا المستحيل، فكل شيء ممكن. وهذا الرهان الذي لا تخسر معه الإمارات وهي تستثمر في شبابها وبناتها ليقودوا البشرية بعزم شديد.