مقالات وكتاب
أين أصابت وأين أخطأت دولة الجنوب؟
الظفر بالاستقلال الوطني الناجز والكامل هو غاية قومية مقدسة لدى كل شعوب الأرض صغيرة كانت أم كبيرة.
وهذه الغاية انجزتها بنجاح ثورة 14 أكتوبر 1963 باعلان استقلال دولة الجنوب عن التاج البريطاني في 30 نوفمبر 1967م،ويعتبر هذا الانجاز هو الأهم على الإطلاق.
وعلى الرغم من الفترة القصيرة نسبيا منذ تحقيق هذا الاستقلال وحتى الدخول في وحدة مع اليمن في 22 مايو 1990م ، إلا أن هذه الفترة جديرة بالتقييم وحافلة بالعبر والدروس.
فأين نجحت هذه الثورة والدولة؟
يمكن هنا أن نذكر فقط أهم النجاحات:
1- تحقيق استقلال وطني كامل وغير منقوص على كامل أراضي (الجنوب العربي) من اقاصي المهرة شرقا وحتى باب المندب وجزر حنيش غربا، وسناح وكرش والحد ومكيراس وحريب شمالا وحتى جزيرة سقطرة جنوبا.
2- توحيد عشرات السلطنات والمشيخات والإمارات الضعيفة في اطار دولة جنوبية مركزين قوية ومهابة في المنطقة.
3- فرض سيادة القانون على الكبير قبل الصغير وفي كل شبر من ارض الجنوب.
4- تحقيق استقرار امني ومعيشي وخدمي ومستوى تعليمي واقتصادي معقول مقارنة مع الامكانيات الشحيحة حينها وظروف الحرب الباردة وتعقيدات تلك المرحلة.
5- بناء جيش وامن قوي وعلى أسس وطنية وعلمية حديثة وجيل متعلم ومتمكن.
6- تحقيق إنجازات ملموسة في كل مجالات الاقتصاد: الزراعة والصناعة والثروة السمكية وتحقيق الحد الممكن من الاستثمار لللثروة والانسان وصلت بعضها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بل والتصدير.
واين أخطات؟
لعل أهم الأخطاء التي وقعت فيها الثورة والدولة هي:
1- غياب الحدس السياسي والتفكير الاستراتيجي لدى قادة الثورة والدولة تجاه الدسائس والمؤامرات الخارجية لاجهاض الثورة وحرف مسارها التحرري الوطني، وتغليب العاطفة على المصالح الوطنية، وهو ما قاد الى تغلغل الجناح اليمني الهادف الى “يمننة” بدعم من حركة القويين العرب، وخاصة عشية تحقيق الاستقلال وعلى الدولة منذ إزاحة الرئيس قحطان الشعبي في 22 يونيو 1969 وما تلتها من أحداث وصراعات وقرارات كانت أخطرها على الإطلاق الدخول في وحدة ارتجالية وعاطفية وغير متكافئة مع اليمن ومشاركة جنوبيين في حرب احتلال الجنوب عام 1994م التي لا تقبل أي تبرير.
2- التطرف اليساري والقفز على الواقع في بعض الإجراءات الاقتصادية والإدارية التي احرمت البلد من الراسمال الوطني ومن طاقات إبداعية مهمة.
3- الانحياز التام إلى المعسكر الاشتراكي في منطقة ذات نفوذ مطلق للمعسكر الاخر الرأسمالي، وهذا بسبب السياسة الخبيثة للجناح اليمني والقومي المتطرف الذي عمد إلى حرمان الجنوب وعزله عن محيطه العربي وخاصة الخليجي وخلق حالة عداء معه غير مبررة.
الخلاصة:
1-الانجازات التي حققتها الثورة والدولة وأن اعتبرها البعض بمقاييس زمننا هذا، متواضعة، إلا أنها عظيمة وجبارة بمقاييس ذلك الزمن…ويجب البناء عليها والاستفادة من تجربتها حاليا ومستقبلا.
2- الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها الثورة والدولة قد تبرر على أن الوقوع فيها حينها كان تحت ضغوطات وظروف الحرب الباردة وثقافة التطرف…ألا انه يجب استيعاب عبرها ودروسها ونتائجها وعدم تكرارها حاليا ومستقبلا بأي حال من الأحوال.
فإذا كانت الأخطاء خاصة الجسيمة منها أمرا سيئا فإن عدم إدراكها أسوأ وتكرارها غباء وجريمة.