مقالات وكتاب
الهجمات “المنضبطة”
تبدو العلاقات بين الولايات المتحدة من جهة وايران وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى غامضة وغريبة،بحيث الأقوال في واد والأفعال في واد آخر تماما.
مع اندلاع أزمة وحرب غزة رفع الرأي العام العاطفي تحت تأثير الدعاية الإعلامية لمحور “المقاومة” رفع من سقف توقعاته عن الدعم الذي يمكن أن تقدمه إيران وحلفائها في المنطقة وخاصة حزب الله والحوثيين لحماس، بل أن البعض توقع أن تدخل إيران وحزب الله الحرب مباشرة ضد إسرائيل.
لكن الأيام كانت تمر منذ بدء شن إسرائيل لحرب قتل وتدمير وطحن غزة على رؤوس ساكنيها…دون أن يرون تدخلا لإيران ولا حتى لحزب الله الذي تقف قواته على مرمى حجر من إسرائيل.
حتى حديث الحوثيين المتكرر عن هجمات صاروخية وبالطيران المسير على إسرائيل لم يتم تأكيدها بل شكك الخبراء العسكريون في بطلان هذه المزاعم لأسباب تقنية قبل أن تكون سياسية.
وحتى أخبار الهجمات في العراق وسورية أوضح البنتاجون أن الهجمات لم تلحق أضرارا كبيرة بالبنية التحتية، ولم تسفر عن إصابات خطيرة لدى عناصر القوات، مشيرة إلى أن المصابين عادوا للقيام بمهامهم!!!
وأمام هذه الاعلانات يعتقد البعض أن وتيرة الهجمات التي تتصاعد قد تدفع الولايات المتحدة في النهاية لتوسيع نطاق ردها على الفصائل المسلحة الموالية لطهران في البلدين، وهو ما قد يقود لحرب إقليمية واسعة.
بينما يرى آخرون ،وأنا أرجح رأيهم، أن هذه الهجمات ليست مؤثرة ولا تمثل تحديا كبيرا وحقيقيا للأميركان، وهو ما يتجسد من خلال عدم مبالغة واشنطن في رد فعلها عليها.
وهذا يفسر بالطبع ما يمكن وصفه بضبط النفس الأميركي الذي يتسم بالهدوء، حيث إن الهدف الأهم لها هو دعم إسرائيل في حربها لإنهاء سيطرة حماس على قطاع غزة وإعادة ترتيب الوضع هناك.
وبشكل عام تبدو “الهجمات” وترمومتر التصعيد بين الطرفين منضبطا وتحت السيطرة ويصب كله في اطار التوظيف السياسي في الملفات الخلافية والمصالح المشتركة في ابتزاز أطراف أخرى في المنطقة العربية على وجه الخصوص والتحديد.