«وبما أننا لا نملك إلا أرضاً واحدة من الضروري أن نوحد جهودنا لمعالجة هذا التحدي من خلال العمل المناخي الذي ننظر إليه كونه فرصة للابتكار وإيجاد الحلول وتنويع الاقتصاد»، هذا جزء من كلمة ألقاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، بقمة المناخ «كوب 27»، التي عقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية، وهي القمة التي منحت الإمارات استضافة قمة «كوب 28» في دبي.
مهمة الإمارات تبدو أبعدّ من كونها مستضيفاً لقمة المناخ، فما تعمل عليه تحدٍّ في مهمة إنقاذ كوكب الأرض وما عليه من الكائنات. تندفع المهمة الإماراتية ناحية الحصول على وفاء الدول والمنظمات الدولية بما التزمت به في مواجهة التغيرات المناخية، هذا الهدف الاستراتيجي تطلب أن تضع الإمارات كافة مؤسساتها الوطنية لتحقيقه، وهذا ما يمكن النظر إليه في العمل الدبلوماسي الذي يتجلى في حضور وزير الخارجية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع رئاسته لوفد بلاده لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 78، التواصل مع الهيئات والمؤسسات الأممية توافق مع تحركات متواصلة لوزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف معالي الدكتور سلطان الجابر في زياراته المكوكية بين الولايات المتحدة وكينيا ودول شرق آسيا في غضون بضعة أيام، حاملاً المبادرات ومحفزاً لدول للإيفاء بالتزاماتها بتوفير 100 مليار دولار لتمويل مكافحة المناخ.
تطرّف المناخ تحولّ إلى ظاهرة مدمرة، فعندما تتحول عاصفة مدارية إلى إعصار مدمر كما حدث في درنة الليبية، وقبلها سقطرى في بحر العرب، وما يحدث في نهر الأمازون البرازيلي من نفوق ملايين الكائنات الحية بعد جفاف النهر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، فهذه ليست مؤشرات، بمقدار ما هي حقائق كتلك التي أظهرتها الصور الصادمة في ذوبان الثلوج من أعالي جبال الألب، الكوارث الطبيعية وهي تتلاحق تضع العالم أمام نقطة التحول، التي فيها تعمل الإمارات بأن تكون الوعود قرارات مُلزمة للدول والمنظمات.
تأتي قمة المناخ «كوب 28» في خضم أجواء تشهد عدة أزمات مترابطة، من حرب غزة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والضغوط التضخمية، واحتمال حدوث ركود عالمي، وكذلك أزمات الطاقة والغذاء والتنوع البيولوجي، إلى جانب صيف حار حطمت فيه موجات الحر الأرقام القياسية في جميع أنحاء العالم، وعرّض الجفاف في أفريقيا 22 مليون شخص لخطر المجاعة.
كل ذلك يقدم السؤال عن النتائج المتوقعة لقمة «كوب 28» في ظل هذه الظروف السياسية والاقتصادية العالمية الصعبة، وما إذا كانت القمة ستُنتج توقيع اتفاقية تاريخية لمساعدة الدول الفقيرة على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع تأثيرات المناخ.
بمعنى آخر، هل ستخرج قمة «كوب 28» من مرحلة الوعود إلى التنفيذ؟ بالنسبة للطاقة المتجددة، فهي المستقبل الأكثر أماناً للبشرية، فهي جوهر التحدي المتمثل في تغير المناخ ومفتاح الحل لجميع الأزمات الإنسانية، حيث يغطي توليد جزءاً كبيراً من الغارات الدفيئة التي تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس من خلال إنتاج الطاقة عبر الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء والحرارة.
وهذا الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، هو أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي. يُعد مؤتمر الأطراف في دبي فرصة مهمة للدول للالتقاء والعمل معاً من أجل التغلب على التحديات التي تواجهها البشرية بسبب تغير المناخ، والإماراتي يستطيع إنقاذ الكوكب، فهذه لحظة مواتية للذين استطاعوا أن يجعلوا من المستحيل ممكناً، وهذا ما سيفعله الإماراتي في دور المنقذ للأرض ومن عليها.