لم أفق بعد من أثر الفقد العظيم
لعلي غداف عالمه التشكيلي الخاص فقد اشتغل على مشروعه الجمالي والوجودي مدى الحياة بصحبة شريكته في الحياة والتحولات الإبداعية الفنانة التشكيلية جنان السامرائي.
ولقد كنت محظوظاً إذ عثرت على رقم هاتف غداف عبر الصديق الصحفي بدر بن عقيل ، فالتقيت الفنان الجميل، بعد بحث طويل، في هولندا، فقامت بيننا ألفة وصداقة فاقتربت كثيراً من عالمه الجميل، إذ توالت لقاءاتنا في منزلهم في ساسنهايم.
كانت سيرته الإبداعية الواسعة موضوعاً للتداول الجدي بيننا، وبدأنا خطواتها الأولى ( وسننجزها ذات يوم بجدية ومثابرة مدير أعماله المبدع نجله الأكبر أوسان ). ولعل من علامات تجلي غداف الإبداعي بعد أن أنجز ما أنجزه من آثار جمالية، أنه في زمن كوفيد-19الذي أوقف العالم على رجل واحدة، أنتج أعمالاً تشكيلية بديعة ظللنا نتأملها طويلاً، وكان يتحدث عنها بابتهاج يلتمع بريقه في عينيه الضاجتين بالجمال.
غير أن زمن كوفيد لم يكن رؤوفاً به فقد اختطف رفيقة دربه، ليسلمه بعد ذلك لانتكاسة صحية ونفسية. ولقد حاولنا معاً أن نستأنف ما بدأ، فكان إعداد كاتلوج مجموعة لوحات الراحلة التي استلهمت فيها مقامات الواسطي برؤية معاصرة، ذات فضاء حواري مع المقامات والفن الإسلامي. وقد شرفت بأن كتبت كلمة تقديم لتلك المجموعة المدهشة. ثم شرفني الأستاذ غداف مرة أخرى بأن كتبت كلمة تقديم أبهجته كثيراً فوضعها فاتحة لمجموعته التشكيلية عن الحرف والخيل والشعر العربي، لم أبالغ إذ جعلت عنوانها “معلقة علي غداف التشكيلية”، فهذا هو الحد الأدنى في وصف مجموعة عميقة عليها بصمته الإبداعية.