مقالات وكتاب

الدوران حول نفس الحلقة المفرغة*

بعد ثلاث سنوات من التوقيع على اتفاقية الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي وبرعاية التحالف العربي وعلى رأسه المملكةالعربيةالسعودية، وهو الاتفاق الذي دعمه مجلس الأمن الدولي وعززه إعلان الرياض بنقل السلطة إلى مجلس القيادة في ٧ أبريل ٢٠٢٢م…ما زال الطرف الشمالي يلف ويدور للتملص من تنفيذ بنود الاتفاق بالحيلة والمماطلة أو محاولة تجيير وتفسير بنود الاتفاق على هواه.
مربط الفرس في هذا الاتفاق وجوهره كان وما زال يكمن في حشد الجهود والامكانات العسكرية والبشرية والأمنية لتحرير صنعاء وكل محافظات الشمال من الحوثيين -الذراع المخلص لإيران في اليمن وفي منطقة شبه الجزيرة العربية كلها-.
وهذا مالم يتم حتى الآن بسبب استماتة الطرف الشمالي في ابقاء القوات الشمالية في الجنوب وخاصة في وادي حضرموت ومحافظة المهرة.
هذه القوات أصبح جزء منها موالي للحوثيين ناهيك عن الولاء لحزب الإصلاح، خلافا لاتفاق الرياض ورغما عن إرادة أبناء شعب الجنوب.
بل أن هذه القوات إضافة إلى قوات مماثلة لها من مارب والبيضاء كانت رأس حربة المحاولات المتكررة لاقتحام العاصمة عدن وبقاء التوتر في كل من شقرة وشبوة قبل أن يتم اجبارها على مغادرة هاتين المنطقتين الجنوبيتين.
كان التخادم بين الحوثيين والاخونج جليا في بيحان شبوة وفي وادي حضرموت.
وليس بعيدا عن نشاط هذه القوات دعم وأيواء جماعات القاعدة وداعش التي ارتكبت عشرات الجرائم الارهابية ضد القيادات والمصالح الجنوبية.
أما في الجانب السياسي وعلى الرغم من تشكيل حكومة المناصفة وتعيين محافظين لعدن وشبوة فإن العرقلة والتعطيل والمماطلة واللف والدوران والبحث عن معارك جانبية، ما زالت هي التي تحكم تصرفات وسلوكيات الجانب الشمالي.
ولم يتم استكمال تعيين محافظين ومدراء أمن لبقية محافظات الجنوب وفقا لاتفاق الرياض…وبدلا من ذلك انشغلت الحكومة ومجلس القيادة في تعيين محافظين لمحافظات شمالية هي أصلا تحت حكم الحوثيين منذ ٨ سنوات.
في الجانب الاقتصادي لم تقترب الحكومة بعد من الاضطلاع بمهامها في معالجة ملفات الخدمات والمرتبات والاسعار، بل ازدادت الاوضاع سوءا.
في مقابل هذه اللوحة المعطلة بذل الجانب الجنوبي جهودا جبارة لتنفيذ اتفاق الرياض وتخفيف معاناة الناس والتصدي لهجمات الحوثيين وجماعات الارهاب وحرب الخدمات.
كما حقق المجلس الانتقالي نجاحات ملموسة على الأصعدة السياسية والدبلوماسية والإعلامية ليصبح الجنوب الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله في مسائل الحرب والسلم والحل النهائي.
مع ذلك فقد آن الأوان للتحالف العربي والدول العظمى أن يعيدون النظر في سياسات وخطط الحرب والتعامل مع الملف اليمني عامة والجنوبي خاصة بعد استخلاص تجربة ثمان سنوات حرب حاول الطرف الشمالي خلالها تعطيل تحرير الشمال في مقابل تخريب نصر الجنوب الذي هو النصر الوحيد الذي يحسب أيضا ليس للجنوب وحده بل وللتحالف العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى