مقالات وكتاب
موقع المنطقة العربية في الشكل العالمي المقبل؟*
ما موقع المنطقة العربية في الشكل العالمي الذي يعاد إخراجه تجهيزاً لفترة ما بعد الحرب في أوكرانيا، لا سيّما أن دولا عربية عدة لا زالت تعاني من ضعف منظوماتها السياسية التي خلفتها “ثورات الربيع العربي”، بما يؤثر على قوة الكتلة العربية مجتمعة، وبالذات فيما يخص الأمن الغذائي الذي بات مهدداً عقب الصراع الدولي في أوكرانيا، بما يظهر وجود خلل تكاملي اقتصادي عربي، قادر على تحقيق واقع عربي أكثر استقلالية في القرارات الدولية.
عالم متعدد الأقطاب:
شكل النظام العالمي سيتغير بعد الحرب في أوكرانيا، بحيث يصبح عالم متعدد الأقطاب ، نتيجة لبروز الجانب الآسيوي باعتباره منافساً واضحاً ومستفيداً أيضاً من الأزمة الراهنة.
سعي الدول لأن تجعل سلاسل الإمداد أقصر وأقل تكلفة ، الأمر الذي يسهم في بروز محورين أساسيين في التجارة الدولية، المحور الأمريكي – الأوروبي من جهة، يقابله المحور الروسي – الآسيوي من الجهة الأخرى، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تغيير في شكل التحالفات السياسية والاقتصادية في الخريطة العالمية.
العرب وخريطة التحالفات:
المنطقة العربية تعاني من نقص الغذاء بسبب عدم تكامل الدول مع بعضها البعض، ولا زالت ضعيفة للغاية، وتبدو غير مكترثة ومتفاعلة مع الاستقطابات العالمية باستثناء مصر و السعودية والإمارات والجزائر،باقي الدول أصبحت هامشية أو تابعة.
الدول العربية وخاصة الغنية بالطاقة يمكن أن تكون مستفيدة من جراء الأزمة الراهنة،غيرأنه لتجنب السيناريو السيئ يجب على دول المنطقة إيجاد نوع من التعاون والعمل المشترك للتحول من بلدان مصدرة للسلع والنفط الخام فحسب، إلى دول منتجة للمحاصيل، خاصة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، فضلاً عن إنتاج المعرفة لضمان تطوير الاقتصادات وخلق أسواق جديدة.
وفي حال تمكنت الدول العربية من تحقيق هذا الأمر سيصبح لها موقع مهم في خارطة الاقتصاد الدولي، وتستطيع أن تفرض نفسها.
هل ما تزال أمريكا هي الأقوى؟
أمريكا ما زالت أقوى دولة في العالم، لقد فلحت في خلق عداء واضح بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، ما يبرهن على عمق المؤسسة الأمريكية ، وضعف النظم المقابلة التي تعتمد على أفراد ومنظومة سياسية غير عميقة.
رغم مرور عدة رؤساء على الإدارة الأمريكية ممن يتسمون بالضعف بداية من جورج بوش الابن، وصولاً إلى بايدن، إلا أنهم جميعاً أدوا أدوارهم خلال فترة الحكم إلى حد كبير.
ورغم وجود دول عدة تحاول الصعود نحو القطبية إلا أن تلك الدول لا تستطيع حتى الآن منافسة الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك وتدريجيا يمكن بروز قوة جديدة كالصين أو روسيا، أو اتحاد قوى مجتمعة، لتصبح قطب منافس للولايات المتحدة الأمريكية.
الخلاصة:
روسيا باتت تركز الآن في السيطرة على شرق وجنوب شرق أوكرانيا – قلب الصناعة الأوكرانية وطريق روسيا البري- غير أن المؤكد أن أوكرانيا مثلت المسرح الذي يقتسم فيه الكبار كعكة النفوذ، وأدخلت المجتمع الدولي حقبة جديدة مقسمة إلى مؤيد ومعارض، لا مجال للحياد، الأمر الذي اتضح من خطاب موسكو وبكين من جهة وواشنطن ولندن من جهة أخرى، إذ رفعت العواصم الأربع وخاصة الأخيرتان شعار “من ليس معنا فهو ضدنا”.
العالم يتجه طواعية لسيناريو التدافع وتسجيل محاصصة جديدة تطال كل المناطق الحيوية، إذ سيجد نفسه من سعى للحياد مضطراً لإعلان أي الحليفين يؤيد.
دول مثل السعودية والإمارات والمجموعة الخليجية ومصر لديها عوامل مؤثرة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، لذا فإنها لا زالت تنتصر للحياد مراعية المصالح الوطنية، عكس كثير من المجموعات الأخرى التي ستنضم سريعاً لأي من الحلفين، بسبب ضعف قدراتها على المناورة ومحدودية الخيارات.