فريق للتفاهم أم للتفاوض؟ وباسم من؟ وبين من ومن؟
إذا صح خبر إقرار تكوين فريق (التفاوض) بين (الشرعيتين) المعترف بإحداها دولياً والثانية المفروضة بشرعية الأمر الواقع، فهذا سيكون عنواناً بارزاً للتخبط والفشل والقفز على الحقائق والمعطيات وأبجديات المنطق الذي يبحث ويقود بالضرورة إلى التسوية السياسية العادلة والشاملة والجادة، التي لا يمكن لهكذا فريق وبتركيبته المسربة وغير المعلن عن ذلك رسمياً حتى الآن، أن تكون وسيلة مناسبة للوصول إلى اتفاق بشأن إيقاف الحرب والتفاهم وإحلال السلام في ظل موقف صنعاء وتعنت حكامها ورفضهم حتى القبول بتجديد الهدنة، ناهيك عن استعدادهم لمواصلة الحرب، وكل المؤشرات تدل على ذلك بل وأعلنوا هذا الأمر صراحة.
ونعتقد بل ونشك كثيراً بأن الانتقالي قد قبل بذلك؛ لأن هذا يعني ببساطة فقدانه لورقة هامة وخطيرة ما زالت في يده، ويمكنه من خلالها التعبير عن الجنوب وقضيته في مسار التفاوض، وهو ما لم ولن يتحقق بفريق كهذا الذي جسد عملياً التفاوض بين (الشرعيتين) وسيضعه ذلك أمام مفترق طرق خطير، وأمام تساؤلات أكبر تتعلق بمدى قدرته على تحقيق الهدف الوطني لشعب الجنوب بالشراكة مع القوى الوطنية الجنوبية الأخرى التي تقف معه على نفس الأرضية وذات الهدف، إذا ما كان قد قبل بذلك فعلاً، وفي هذه الحالة لا مفر أمامه من توضيح الأمر للشعب الجنوبي ولقواه السياسية المختلفة، وما هي الأسباب التي دفعته أو بالأصح أجبرته على ذلك، أو إعلان موقفه الواضح وتحفظاته بهذا الشأن وتجديد تمسكه بموقفه الذي يعرفه الجميع، وسيكون لذلك أثراً إيجابياً بالغاً على موقف الجنوبيين وسيزيل الغموض الحاصل، وهو ما نأمل حصوله سريعاً منعاً للبلبلة والارتباك الذي قد يحصل بسبب عدم معرفة الموقف الحقيقي للانتقالي من تكوين الفريق والمهمة المسنودة له.
والمثير للاستغراب أن يرأس فريق التفاوض الحكومي وزير الخارجية وكأن الفريق سيتفاوض مع دولة أخرى وليس مع طرف داخلي انقلب على الشرعية! وهنا بالضبط تكمن المخاوف من التهيئة للاعتراف الرسمي بشرعية الأمر الواقع تمهيداً لجعلها شرعية بديلة ووحيدة على الشمال (المغتصب) من قبل الانقلابيين الذين سيتغير توصيفهم بعد ذلك وبتوقيع من يمثلون الشرعية المغلوب على أمرها كما يبدو، وسيكون لمثل هذا الأمر تبعات خطيرة جداً على الجنوب وقضيته الوطنية.
وأخيراً هل تخلى التحالف العربي والمجتمع الدولي عن دوره في موضوع التسوية الشاملة وجعل ذلك من مهمة هذا الفريق مع نده المقابل والممثل لشرعية صنعاء؛ وبالتالي تخليه عن المرجعيات الثلاث التي صدعوا رؤوس الناس بالحديث عنها نزولاً عند رغبة الشرعية التي يعترفون بها؟ وفي نفس الوقت فهم يتعاملون وبنفس المستوى تقريباً مع (شرعية) الأمر الواقع بل وينحازون لصالح موقفها في كثير من الحالات والشواهد على ذلك كثيرة.