مقالات وكتاب
نجاح الحوار .. مسؤولية وطنية وتاريخية تنتصب أمام الجميع
شهدنا خلال الأسابيع القليلة الماضية تحركاً واسعاً وحراكاً جاداً لآلية الحوار الوطني الجنوبي؛ الذي يحقق معه بالضرورة وفي مضمون أنشطته الشيء الكثير من حالة التفاعل المجتمعي البناء على طريق تحقيق التفاهم والوئام الوطني الذي ينشد المستقبل ولا يلتفت إلى الماضي إلا بقدر الإستفادة من دروسه وعبره؛ وهو الحوار الذي دعا إليه ويتبناه المجلس الإنتقالي الجنوبي؛ الذي نأمل وكما أقترحنا في وقت سابق أن تتسع تركيبة الفرق لتشترك فيها أطراف وشخصيات جنوبية ونشطاء المجتمع المدني في المرحلة اللاحقة؛ وأن تتفرع عنها لجان وفرق تخصصية نوعية ليشمل الحوار كل مجالات الحياة.
إن من يريدون الإنتصار حقاً للجنوب ولتاريخه ومستقبل أجياله والوفاء لتضحيات أبنائه؛ فإنهم وبكل تأكيد سيجدون في الحوار الوسيلة الوطنية المثلى والأرضية الصلبة والصحيحة للتفاهم والتوافق وعلى قاعدة التنازلات المتبادلة التي على أساسها تبنى الثقة المتبادلة أيضاً؛ وصولا إلى صياغة الرؤى المشتركة وبموقف موحد وإرادة واحدة؛ والإنطلاق نحو تحقيق الهدف الوطني العظيم لشعبنا الجنوبي والمتمثل بإستعادة دولته الوطنية الجنوبية كاملة السيادة.
إننا نعتقد بأن أهم ما كان قد واجه القائمين على الحوار الوطني الجنوبي؛ وسيواجهونه خلال الفترة القادمة في إطار مهمتهم الوطنية النبيلة هذه من صعوبات وتعقيدات وعراقيل؛ وتتطلب صبراً وجهداً وقدرة على الإقناع والإحتواء كذلك وبمعناه الإيجابي الأوسع؛ وبما يساهم في تدشين ووضع أسس سليمة لمرحلة نوعية جديدة من ثقافة الحوار التي تكاد تكون منعدمة في مجتمعنا أو يسودها القصور والتشوش ولأسباب وعوامل تاريخية وموضوعية كثيرة؛ ستكون بدرجة رئيسية مع البعض ممن يضعون الأولوية وبحسابات قاصرة مع الأسف لذواتهم وشخوصم ومصالحهم الخاصة التي قد تكون على تقاطع مع مشاريع معادية للمشروع الوطني الجنوبي؛ حتى وإن حملت بعض مواقفهم العناوين والشعارات الوطنية كوسيلة لتأكيد حضورهم في المشهد الجنوبي؛ فهؤلاء سيجدون لأنفسهم المبررات والأعذار بل والحجج غير المنطقية للتشكيك بالحوار ومصداقيته بل ولا يرون فيه أي فائدة من وجهة نظرهم.
ولذلك فهم غير معنيين كثيراً بالتجاوب الحقيقي أو التفاعل الصادق والجاد مع آلية الحوار حتى وإن قدمت لهم التنازلات المسؤولة وبحسابات وطنية تهدف للملمة الصفوف وتوحيد الرؤى والإرادة؛ لأنه ووفقاً لقناعاتهم ورغباتهم لا يحقق لهم ( أهدافهم ) التي وضعوها لأنفسهم والتي قد تتعارض ربما أو لا تتفق مع أسس ومبادئ وقواعد وأهداف الحوار الوطني الجنوبي المعلنة.
ومع كل ذلك نأمل بل ونتمنى أن يراجع هذا البعض حساباته ويغلب مصلحة الجنوب العليا على أي مصالح أخرى؛ فهنا فقط تكتسب مواقفهم وشعاراتهم الوطنية مصداقيتها ويثبتون إنحيازهم المسؤول لقضية شعبهم ومستقبله؛ فاللحظة حاسمة لجهة مصير ومستقبل الجنوب وأهله؛ ولم يعد هناك متسعاً من الوقت للمناورات السياسية والتردد؛ أو لتعدد وتنافض المواقف والخيارات أو البقاء في المنطقة الرمادية التي ستضر بهم قبل غيرهم.
فعبر الحوار والحوار وحدة يمكن للجميع تجاوز ما قد يعيق طريق التفاهم والتوافق الوطني وليس بالتمترس خلف القناعات الخاصة والدوران حول الذات وشخصنة الأمور.