أبين تنتصر للسلام.
كانت ثلاث سنوات هي من أقسى وأصعب ما عاشته محافظة أبين الكريمة الوديعة من مواجهات عبثية، لم تكن تشبه المزاح او العاب التسلية، بل كان لهباً ونيرانا وقودها الأرواح والدماء وزيتها الخوف والقلق الذين لم يدعا اسرةً ولا بيتاً في أبين كل أبين إلا ووصلا إليهما، فمن لا يقلق على ولده في الجبهة يقلق على املاكه او مصالحه او رفاقه او اقاربه وأهله الواقعين على ضفتي خط النار.
* * *
ليس هذا مقام العتاب ولا مكانه ولا زمانه، وكان كاتب هذه السطور قد ظل طوال تلك السنين يؤكد ان أهل أبين هم أهل سلام ولم ينقادوا إلى الحرب إلا مجبرين أو مخدوعين، وقد أكدوا ذلك في الأسابيع الأخيرة حينما اختاروا طريق السلام وقرروا الوقف النهائي لنوافير الدم ومغذيات الضغينة المصطنعة، واكتشفوا حقيقة الخديعة التي دبرها لهم المصممون على التخلي عن صنعاء ومارب والجوف والبيضاء واستبدالها كلها بعدن وأبين.
* * *
خلال الاسبوعين الماضيين جرت توافقات سلمية حرة وطوعية بلا وساطات ولا ضغوط من أحد، واتفق أهل ابين وعقلاؤهم على إنهاء اسباب المواجهات والذهاب باتجاه حماية أبين وإعادة السلم والأمان لها ولاهلها.
لم تكن ابين بحاجة إلى كل هذه التوترات والمواجهات العبثية التي صنعها أعداء أبين والجنوب، لكن دقاقي الأسافين وصناع الفتن لم يرق لهم استقرار أبين واتجاه أهلها للتعايش والسلام وتفرغهم للتنمية واستنهاض طاقات المحافظة ومواردها لتحسين معيشة الناس فيها ومحاربة الفقر والمجاعات التي وطنها اصحاب نظرية “جوع كلبك يتبعك”، فأهل ابين لم يكونوا ولن يكونوا قط كلاباً تتبع أحداً، وأصحاب هذه “النظرية” لم يتعلموا من خيباتهم ونسوا أن الحاكم لم يعد راعي كلاب وان الشعوب لم تعد كلابا تابعة لهذا الراعي أو ذاك.
* * *
أثلج صدري ذلك المشهد الذي رأيت فيه القائد المقاوم ابو مشعل الكازمي مع زميليه المقاومين صالح السيد وجلال الربيع، هؤلاء المقاومين الأبطال الذين لمعت اسماؤهم في فترة المواجهة مع عصابة الحوثي في العام ٢٠١٥م وهم يتفقدون القوات والمواقع الامنية والعسكرية في مديريات لودر ومودية.
لقد مثلت هذه اللحظة بالنسبة لي ذلك المشهد الذي كنت موقنا بأنه سيحصل ذات يوم ولو تغيرت فيه الأسماء والالقاب.
* * *
أبطال أبين اليوم معنيون بالاتجاه صوب عقبة ثرة ومكيراس، وجيشان فتلك هي المواقع الطبيعية لتمترسهم معاً وحشد قواهم إليها لاستعادتها إلى حضن أهلها، وليست الشيخ سالم وقرن الكلاسي،
* * *
تحية لأبين الحب والتعايش والسلام والعطاء الكريم والوئام.