لماذا تراجع دور الطائرات المسيرة الأوكرانية في الحرب بطريقة جذرية؟
أثبتت الطائرات المسيرة في الأيام الأولى للحرب أنها تشكل عاملاً أساسياً في تأمين النصر العسكري للأوكرانيين في مواجهة الجيش الروسي، وانتشرت في الأخبار ومواقع التواصل كميات كبيرة من الفيديوهات تظهر أرتالاً مدمرة من المدرعات الروسية على تخوم مدينتيْ كييف وخاركيف.
ولكن خبراء يقولون إن روسيا تعلمت الدرس منذ نهاية الشهر الأول للحرب، وبدأت الطائرات المسيرة تتحول يوماً بعد يوم إلى أسلحة أقل فعالية، حيث عمل الجيش الروسي على تحييد خطرها
ويرى الخبير العسكري صاموئيل بنديت من مركز التحليل البحري في الولايات المتحدة أن روسيا نظمت دفاعاتها الإلكترونية والجوية، ويضيف أن الجيش الروسي بدأ بعد الأسابيع الأولى يستخدم رادارات متقدمة لتحديد أماكن المسيرات الأوكرانية وتعطيلها إلكترونياً، أو إسقاطها عبر أنظمة جوية مضادة للطيران مثل نظامي “بوك” و”تور”.
وعرضت وزارة الدفاع الروسية في نهاية حزيران / يونيو مشاهد فيديو لنظام “كراسوخا إس 4” الإلكتروني خلال أداء مهامه في أوكرانيا.
ويقول مارك كانسيان، المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أوكرانيا تمكنت في السابق من استخدام مسيراتها بطريقة فعالة لأن روسيا لم تكن قد نظمت دفاعاتها الجوية بعد. ويضيف كانسيان قائلاً “كان الروس بطيئين في تنظيم دفاعاتهم الجوية، وكانوا بطيئين في تنظيم غرف عمليات تدير أفواجاً مختلفة من الجيش، كالمشاة والمدرعات والصواريخ إلخ”.
وبما أن الجيش الروسي تمكن مؤخراً من تحييد خطر المسيرات بشكل أكبر صارت أوكرانيا تستخدمها بشكل أقل، ذلك أن كلفتها عالية إلى حدّ ما. فطائرة “بيرقدار تي بي تو” من صناعة تركية، وهي المسيرة التي حازت على شهرة واسعة بداية الحرب -ولا تعد بين الأغلى عالمياً بالمناسبة- تبلغ كلفتها بين مليون ومليوني دولار.
وتسلمت أوكرانيا نحو 50 طائرة من هذا النوع من شركات الأسلحة التركية منذ بداية الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير.
وكان من المقرر أن تبيع الولايات المتحدة أوكرانيا أربع مسيرات حديثة من طراز “غراي إيغل”، يبلغ سعر الواحدة منها نحو 10 ملايين دوىر. ولكن الصفقة ألغيت لاحقاً. وقال الأميركيون إنهم يخشون من أن تسقط هذه التكنولوجيا في أيدي الروس، بينما ذكر موقع “ذي وار زون” أن القوات الجوية الأوكرانية لم توصِ بها، إذ رجحت أن “يسقطها الروس فوراً”.
بحسب “ذي وار زون”، فضلت القوات الجوية الأوكرانية الحصول على طائرات حربية غربية على المسيرات.
والمسيرات لا تطير بسرعة كبيرة ولا يمكنها التحليق على علو مرتفع، ما يجعلها عرضة للصواريخ قريبة ومتوسطة المدى. وتمتلك موسكو ترسانة كبيرة من هذه الصواريخ.
وفيما تعتمد أوكرانيا بشكل أقل على المسيرات، يبدو أن الجيش الروسي يستخدمها بشكل أكبر مع مرور الوقت، خصوصاً لعمليات الاستطلاع والمراقبة. ولا تمتلك أوكرانيا الوسائل لإسقاط تلك الطائرات، ونقلت صحيفة صنداي تايمز البريطانية عن أحد الضباط الأوكرانيين قوله: “لا نرى المسيرات الروسية ولكنها ترانا. الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو الاختباء”.