طارق البكري: الكتابة للطفل ليست غاية في ذاتها
الحديث مع كاتب أدب الطفل، اللبناني طارق البكري، ذو متعة خاصّة، لانسياب لغته وجمالها في الحوار، ولترادف الألفاظ والسجع التلقائي وما يستعيره ويتناص معه من تراثنا الديني واللغوي، ما يدلّ على ذائقته التي يمنحها أفكاراً صريحة وجريئة في موضوع مهم للغاية، لا يراه مجالاً لاستسهال الكتابة والوصول الشهرة من خلاله.
يرسم البكري، الذي درّس أدب الطفل ومارسه، شروطه بريشة الواقعية ممزوجة بالسحر واللهفة البعيدة عن المعادلات الحسابية، ويرى أنّنا كثيراً ما نظلم الطفل في تقسيم فئاته العمرية والزجّ بكلّ هذه الألوان في كتب نزعم أنّها مخصصة له، بل وحشد كتب كثيرة لا روح فيها على الرفوف، بحجة أنّها تنتمي إلى مجال أدب الطفل.
يؤمن البكري أنّ على كاتب أدب الطفل أن يكون منبر عطاء، وآلة بناء، وأن يتعب على نفسه كثيراً ويبدع في أدواته قبل أن يدخل هذا المضمار، فعليه أن يصل إلى قلب الطفل وعالمه الصغير، فيقدم له عصارة فكره، ويلهم خياله بكرم وسخاء، ويبني مستقبله بعيداً عن آفة الغلو والتطرف والكراهية والعنف.
التقى البكري خلال رحلته مع أدب الطفل والإعلام، الكثير ممن كتبوا للطفل، لافتاً إلى ذهاب بعضهم إلى حقول أخرى، وانحسار بريق آخرين وانطفاء حماسهم الذي انطلقوا منه، في حين يبقى هو مصمماً على البقاء في هذا الحقل والاستمتاع بمتاعبه وصعوباته.
ويرى أنّ الكتابة للطفل تعبّر عن روح الكاتب وهي جزءٌ من شخصيّته، بعيداً عن الاهتمام فقط بالشكل المعقّد باللون أو بترتيب كلمات لا تمسّ الفكرة أو تعبّر عنها، داعياً إلى العمق والدخول إلى أعماق هذا الطفل وأحلامه.
وينتقد البكري كتباً حققت شهرة وكتّاباً يستضافون فلا يجاوزون مرحلة التنظير، وبرامج ونصوصاً فضائيّة سطحية، ولذلك فهو غير مهتم بالحصول على جائزة أو بقبول دور النشر لما يكتب، وذلك بسبب إخلاصه الحقيقي فيما يقدمه للطفل.
كما يرى أنّ الكثير من كتب أدب الطفل واقع في منطقة لا تقترب كثيراً من نفسيّة الطفل، خصوصاً حين يقف الكاتب أمام مسألة التقسيم العمري للطفل والكتابة له على ضوء من هذا التقسيم.
من جانب آخر، يؤكّد البكري أنّ طفل الماضي ليس هو ذاته طفل اليوم، في ما يحتاجه، فقد تغيّرت مفاهيم الطفولة وأمزجتها ولم يعد طفل القرن الواحد والعشرين يشبه طفل القرن الماضي، ولهذا ينبغي إعادة النظر في الكتابة والتصنيفات التربوية والدراسات التربوية والإعلامية والتعليمية.
ويشدد على امتلاك كاتب الطفل الحس الطفولي الصادق والنفس الطفولية المتّقدة والمتجذرة، محذّراً من الاندفاع من دون معرفة بحجة أنّ هذا الحقل مفتوح على مصراعيه لمن أراد الكتابة والشهرة.
المصدر:الاتحاد