ومَـن زعل يزعل
موضوع المعاهد الدينية كان من أشد الملفات سخونة بين شركاء الوحدة اليمنية :(الحزب الاشتراكي- المؤتمر الشعبي العام ومعه حزب الإصلاح قبل وبعد ان ينسلخ هذا الأخير عن المؤتمر الشعبي العام)، فقد ظل الحزب الاشتراكي ومعه كل القوى السياسية والوطنية في الشمال يطرح مسألة ادماج تلك المعاهد بمؤسسات الدولة للإشراف على نشاطها وإدارتها وعلى مناهجها التعليمية عبر وزارة التربية والتعليم والجهات الرسمية الأخرى ذات العلاقة بدلاً عن بقائها خارج إشراف الدولة وتحت تصرف وتوجيه قوى حزبية وفكرية لمقاصد سياسية محضة.
ولكن ذلك المطلب جُـوبه حينها برفض مطلق من تلك الأحزاب ومن جهات فكرية وقبلية أخرى كانت ترى في تلك المعاهد بندقيتها المغلفة وسلاحها الأمضى.
إلى ان أتت حرب 94م، وكانت نقطة تحول واضحة في المهمة المُـناطة بعاتق تلك المعاهد حين تم الزج بكثير من طلابها بتلك الحرب كرأس حربة( جنوباً) إلى جانب جماعات متشددة كانت قد عادت لتوها من جبال أفغانستان لاستكمال جهادها باليمن ضد شيوعي الحزب الاشتراكي، بحسب منطق فكرها الجهادي.
ولكن بُـعيد تلك الحرب ما لبث شريكا الحرب على الطرف الجنوبي أن اختلافا على كعكة الحرب وعلى مَـن يرث تركة الطرف المهزوم. ولأن المؤتمر الشعبي العام ورئيسه الراحل صالح كان يعرف مفعول السحر والخطر لــ/ ومِـن المعاهد على مستقبله وموقعه – برغم تخلصه تواً من شريكه/ وغريمه الحزب الاشتراكي- وبالذات قبل و اثناء بعد وبعد انتخابات 1997م، فحزب الإصلاح- الشريك والمنافس الجديد للمؤتمر في مرحلة ما بعد حرب 94م الذي كان ما يزال يدير تلك المعاهد بمعزل عن الدولة ويستخدمها من ضمن أسلحته السياسية التي يستخدمها عادة بوجه خصومه السياسيين-.. ولنزع أهم مخالب الإصلاح شرَعَ صالح وحزبه بتنفيذ ما ظل يرفضه قبل 94م، ونعني هنا دمج المعاهد بوزارة التربية وتحت إشراف الدولة. نقول ان المؤتمر الذي كان يدرك الخطر الذي كان يتهدد وضعه بعد 94م و 97 م. فقد باشر بالتخلص من هذا الخطر ونجح، الى أن عاد الوضع إلى نقطة البداية مع انهيار الدولة عام 2015م وعودة اللعب بورقة الدين بمضمار السياسة. فمثلما كان هذا الموضوع هو أحد أسباب سحق المشروع الوحدوي عام 94م وأحد مسببات الطلاق السياسي البائن بين الحزب الاشتراكي وبين المؤتمر والإصلاح، فقد كان أحد أسباب الخلاف بين المؤتمر وصنوه حزب الإصلاح، حتى عام 2011م.
فمطالب الحزب الاشتراكي المشروعة و المنطقية تجاه وضع تلك المعاهد تحت إشراف مؤسسي رسمي هي ذات المطالب التي نعيد طرحها اليوم، حتى لا يكون طلابها وشبابنا ضحايا بيد الساسة وبندقية بيد الغير، ولئلا تصبح عقولهم محشوة بجوهر سياسي حزبي وقشرة دينية وحتى لا نجني عليهم وعلى ديننا جناية تاريخية ، كما وقع غيرهم خلال العقود الماضية .
فتِـحت عنوان الحفاظ على السلفية تحرك حزب الإصلاح حزبيا وسياسيا وعسكريا وجند آلاف الشباب ، مع أن معظم فكره إخواني لا سلفي، ولكنه كان يعرف أن استخدامه لاسم السلفية سيمكنه من التخفي خلفه في مجتمع محافظ ملتزم.
– ولكي يتصدّى حزب الإصلاح لكل مَـن كان يطالب بإشراف الدولة على تلك المعاهد كان ينتهج خطاب ديماغوجي مخادع واصفاً الأمر بأنه استهدافا لكتاب الله وسُـنة نبيه وتنال من السلف الصالح ومن نهجهم السنُـي.
– فتعمد الخلط بين مطالب إشراف الدولة على تلك المعاهد- مثلها مثل إشرافها على المعاهد التربوية والتقنية، وغيرها- وبين أكذوبة استهداف السلفية ما يزال قائما حتى اللحظة للأسف، وإن كان البعض من الجيل الجديد يفعل هذا بحُـسن نية .