عدن وحكاية المسرح
بعيدا عن سخط وضجيج جمهور الفقيد المبدع رائد طه وجميعنا محبيه وجمهوره وقد اضحك قلوبنا قبل شفاهنا طيب الله ثراه.
عدن عرفت المسرح قبل مايزيد على مائة عام، ونشطت فيها حركة مسرحية كانت علامة من علامات التمدن والتنوع الثقافي في هذه المدينة “الكوزموبوليتية” التي من ريادات نهضتها الابيني والحضرمي واللحجي والشبواني والحديدي والتعزي والهندي والصومالي والعربي والشرق اسيوي.
عرفت عدن حركة مسرحية متقدمة ومتنوعة وواكب مسرحها التجارب والمدارس المسرحية العالمية من كلاسيكية وتجريبية وحداثية وكذلك كوميدية نافست على الجوائز في مهرجانات دولية عديدة.
قبل ان تنتكس كما انتكست كل مظاهر الثقافة والتمدن بعد الوحدة وما لحقها من اثار حرب 94 وتغزوها ثقافة الظلام والتطرف.
لتشهد مجددا في منتصف الالفين ظهورا مسرحيا وان بدأ بسيطا ومقتصراٌ على فرقة خليج عدن بقيادة المبدع عمرو جمال والفقيد رائد طه وزملائهم ولكنه مهما ويحسب لهم.
عانى رواد المسرح العدني كما عانى جميع المبدعين في الجنوب فقرا وتهميشا ومات اغلبهم مهملين على أسرة المرض.
يستحق الكاتب المسرحي والمثقف سعيد عولقي التكريم، والفنان الفلتة المرحوم عبدالله المسيبلي التكريم، والرصين المبدع بمصاف المواهب العربية علي يافعي، والكوميديان الانيق فؤاد هويدي، والمخضرم الفنان قاسم عمر، والجميلة المبدعة نرجس عباد وزميلتها ذكرى احمد، والاكاديمي المتخصص منصور اغبري، وكثر ضيق المساحة لا تسمح لي بتعدادهم. جميع هولاء قامات ابداعية كبيرة واعطت الكثير لعدن وللفن وتستحق التكريم.
من منا لا يتذكر ” غربان ونظيرة” او لم يضحك حتى ادمعت عيونه مع مقطع من مسرحية ” التركة” ومسرحيات من المسرح العربي والعالمي ا قدموها باقتدار.
ليس ذنب هولاء الرواد المبدعين ان أتوا في زمن لم تكن فيه مواقع تواصل اجتماعي ومنصات السوشيال ميديا، ليس ذنبهم ان جيل اليوم يتجاوز عن ذكرهم ويجحد تاريخهم وريادتهم، الا يكفيهم ان وقع عليهم الغبن مكررا وقضوا ايامهم الاخيرة مغيبين دون حتى عبارة وفاء تقال بحقهم.
جميع مبدعينا روادا ومعاصرين من توفاهم الله ومن مازالوا على قيد الحياة يستحقون تخليد ذكراهم وتكريمهم.