هل تحرك مشاورات الرياض المرتقبة المياه الراكدة في أزمة اليمن
أشار مراقبون للشأن السياسي اليمني إلى أن الحديث عن مشاورات مرتقبة بين الأطراف اليمنية، بدعوة من مجلس التعاون الخليجي، سيحرك المياه الراكدة في الأزمة اليمنية، التي تقترب من الدخول في عامها الثامن.
وأوضح محللون أن هذه المشاورات تمثل فرصة للوصول إلى حل سياسي شامل، في ظل مقاطعة جماعة الحوثي لمشاورات ثنائية يجريها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، منذ أسبوعين، في العاصمة الأردنية عمان.
وكان مسؤولان خليجيان قالا لـ“رويترز“، يوم أمس الثلاثاء، إن ”مجلس التعاون الخليجي، ومقره السعودية، يدرس دعوة الحوثيين، وأطراف يمنية أخرى، إلى مشاورات في الرياض هذا الشهر“.
وبحسب المسؤولين، سيتم إرسال دعوات رسمية في غضون أيام، للأطراف اليمنية، لإجراء محادثات في الفترة 29 آذار/مارس الجاري – إلى 7 نيسان/أبريل المقبل، بشأن الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية للحرب التي يشهدها البلد، بموافقة من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وبدورها، قالت جماعة الحوثيين، الأربعاء، إنها ”سترحب بإجراء محادثات مع التحالف الذي تقوده السعودية، لكن المكان يجب أن يكون دولة محايدة، بما في ذلك دول خليجية“، مؤكدة أن ”رفع القيود عن الموانئ اليمنية، ومطار صنعاء، يجب أن يكون أولوية“.
تمهيد لحوارات سياسية
وفي هذا الإطار، قال رئيس مركز ”أبعاد للدراسات والبحوث“ في اليمن، عبد السلام محمد، في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن ”الهدف من هذه الدعوة هو إعادة الملف اليمني من ملف عسكري إلى ملف سياسي، وبشكل عملي، فإن هذه الخطوة لا تحل المشكلة اليمنية ولن توقف الحرب، لكنها قد تمهد لحوارات سياسية يلتزم خلالها مجلس التعاون الخليجي بإيجاد حلول في اليمن“.
وأشار عبد السلام إلى أن ”المشاورات قد تشكل فرصة لتوحيد مواقف دول الخليج تجاه الأزمة اليمنية، وتجعلها مقدمة لما سيأتي مستقبلاً، من خلال التزام دول مجلس التعاون بالتعاون المالي لإعادة إعمار اليمن“، على حد قوله.
فيما يرى وكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي، أن ”الدعوة الخليجية تأتي في وقت حساس، يعاني فيه العالم للخروج من أزمة وباء كورونا والمضاعفات الاقتصادية، إلى جانب الحالة المتردية التي يمرّ بها اليمن في ظل حالة الحصار“.
وقال الشرمي، لـ“إرم نيوز“، إن ”جماعة الحوثيين تعاني من مشكلة مضاعفة، فهي مصنّفة كجماعة إرهابية من قبل المجتمع الدولي، وكل هذا لا يمكن أن يكون له حلّ إلا بانخراطها في محيطها العربي، وتلبية دعوة الأشقاء لعقد جولة جديدة للمشاورات اليمنية، برعاية السعودية“.
وأضاف :“في اعتقادي أننا اليوم بحاجة إلى مثل هذه الدعوات، وبحاجة إلى تفهم الحوثيين لاحتياجاتنا كيمنيين، بعيدًا عن النزق والمصالح الضيقة، وبعيدًا عن الأجندات الخارجية، فإيران الآن تفاوض على ملفها النووي، غير آبهة بما يريده الحوثيون، وروسيا تقوم اليوم باقتحام أوكرانيا، غير عابئة بما تريده إيران“.
وتابع: ”كل دولة تغرد في سمائها بعيدًا عن الآخرين، وما على جماعة الحوثي إلا أن يكونوا يمنيين لمرة واحدة في حياتهم، وأن ينخرطوا في عملية مشاورات حقيقية، تفضي إلى استعادة الدولة وبناء دولة حقيقية في اليمن“، وفقاً لقوله.
مفاتيح الحل السياسي
ويرى مدير مكتب مركز ”south24“ للأخبار والدراسات في عدن يعقوب السفياني، أن ”إعلان المبعوث الأممي عن مشاورات ثنائية مع الأطراف اليمنية كان استباقا من الأمم المتحدة لخطة مجلس التعاون؛ إذ تحرص الأمم المتحدة على إبقاء مفاتيح الحل السياسي للأزمة اليمنية في يدها، وتتجنب أن يلعب الدور الإقليمي بفاعلية أكبر من فاعلية دورها المفترض“.
وقال السفياني، لـ“إرم نيوز“، إنه ”يمكن ملاحظة أن الأمم المتحدة لم تدعم من قبل اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية بالشكل المطلوب، وأهملت الاتفاق الذي كان فرصة كبيرة لحل جزء كبير من الأزمة الموجودة حالياً في البلاد التي تعدت منذ فترة طويلة الحكومة اليمنية والحوثيين، وأضحت هناك أطراف جديدة رئيسية قوية ولا يمكن تحقيق أي حل سياسي دونها، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي“.
وأشار إلى أن ”دعوات مجلس التعاون التي أعلن الحوثيون قبولهم بها واشترطوا حدوثها في دولة محايدة – ستكون سلطنة عُمان أو الكويت على الأرجح – يمكن أن تحقق الكثير، فالأطراف اليمنية الرئيسية ستكون موجودة على الطاولة بالإضافة للتحالف الذي تقوده السعودية، وستكون المسافات أقصر بين الجميع. لكن ما قد تفتقد له هذه المشاورات المرتقبة هي الضمانات حال التوصل لأي نوع من التفاهمات أو الاتفاقات“.
السلام أقل كلفة من الحرب
ومن جهتها، قالت وزيرة حقوق الإنسان السابقة في اليمن حورية مشهور، في تغريدة على تويتر مخاطبة اليمنيين: ”لإنقاذ اليمن اذهبوا إلى مشاورات الرياض بنوايا مخلصة. لا خيارات كثيرة أمام اليمنيين إلا القبول بهذه الفرصة السانحة والخروج منها بصيغة سلام رابحة للجميع، ليس كمكونات سياسية فحسب، بل لكل اليمن أرضاً وإنساناً. ضعوا في اعتباركم أن السلام أقل كلفة من الحرب وأنه بحاجة إلى الشجاعة لتحقيقه“.
وقال رئيس تحرير صحيفة ”عدن الغد“ المحلية فتحي بن لزرق، على تويتر :“وقف الحرب بات مطلباً ملحاً لإنقاذ البلاد، والدعوات للحوار هي اختبار حقيقي لكل اطراف الحرب. ومَن سيرفض الحوار سيكون في نظر الشعب هو المتسبب الأول باستمرار معاناة الناس. القوى المتصارعة ليست متضررة ابداً مما يحدث، والشعب هو الذي يدفع الثمن من دمه وقوته وإنسانيته، وآنَ له ان يستريح“.