كلمة اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي بمناسبة ذكرى فك الارتباط
سم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحلُّ علينا اليوم الذكرى السابعة والعشرين لإعلان فك الارتباط في 21 مايو 1994م، من مشروع الوحدة التي أجهضتها قوى نظام صنعاء، بإعلان الحرب على الجنوب واحتلاله، وآثرت أن تحولها إلى احتلالٍ يستبيح الأرض ويقتلُ الشعب، ومنذ ذلك الحين وشعبنا يقدّم التضحيات الجسيمة في نضال وطني أسطوري مستمر نحو استعادة دولته، وما زلنا نسير على ذات الدرب الذي قدم من أجله شهداؤنا أرواحهم، ولن نتوانى أو نميل حتى يتحقق لشعبنا استعادة وبناء دولته الجنوبية المستقلة الفدرالية كاملة السيادة.
إننا نمرُّ اليوم بمرحلة مفصلية من نضال شعبنا، تحققَت له فيها مكتسبات وطنية كبيرة، وازداد فيها صلف وتعنّت قوى نظام صنعاء القديمة المتجددة ضد شعبنا، مكرسة سياسة العقاب الجماعي وتفريخ الإرهاب ونشر الفوضى ونهب المال العام وتسخيره لشراء الذمم ومحاولة تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي، ظناً منها أن هذا النهج سيحقق لها مبتغاها، ولكن هيهات لها ذلك، فإنما تعجل موعد إنهاء احتلالها بكافة أشكاله.
لقد تمكّن أعداء الجنوب بعد حرب 1994م من الإجهاز على قدرات الجيش والأمن الجنوبيين بالتفكيك والاغتيالات والتسريح والإحالة إلى التقاعد، ولكننا -وبعون الله تعالى- تمكنا خلال السنوات الأخيرة وبعد تضحيات جسيمة قدمتها المقاومة الجنوبية من بناء جيش وأمن بعقيدةٍ وطنيةٍ جنوبيةٍ عربيةٍ راسخة، تمكنا رغم حداثة نشأتهما من تحرير أجزاءٍ واسعة من أرض الجنوب، وحققا نجاحاتٍ مشهودٍ لها إقليمياً ودولياً في مكافحة الإرهاب وتثبيت الأمن، وحماية المصالح العامة والخاصة، وقد أصبحا اليوم مصدر فخر لشعب الجنوب، وعلى الجميع أن يسهم في تيسير أدائهما لمهامهما الوطنية، ونؤكد بأننا نعمل على تطوير منظومة الدفاع والأمن الجنوبي لضمان قدرتها على أداء مهامها العسكرية والأمنية وفق أطر مؤسسية تحقق القدرة الكاملة على تثبيت الأمن وحماية الجنوب من كافة التهديدات والمخاطر.
يا أبناء شعبنا الجنوبي في الداخل والخارج
إن ما يعانيه شعبنا الجنوبي اليوم جراء الانهيار الاقتصادي والخدمي المتعمد ما هو إلا امتداد لممارسات قوى الاحتلال الساعية لتحطيم معنويات الجنوبيين، وكسر إرادتهم، ودفعهم للتراجع عن مشروعهم الوطني، وفي مقدمة ذلك قيامهم بتعطيل الخدمات العامة، وقد عملنا في المجلس الانتقالي الجنوبي على إيلاء هذا الملف أولوية من خلال مشاركتنا في حكومة المناصفة، وحرصنا أن يكون ملف الكهرباء والمياه في مقدمة المشاريع الخدمية التي كان يجب أن تقدمها الحكومة فور وصولها إلى العاصمة عدن.
إلا أن الالتزامات التي كان أبرزها إدخال محطة بترومسيلة ومحطة الحسوة 2 إلى الخدمة قبل شهر مارس 2021م، لم تنفذ، بل استمرت عملية التعطيل والتأجيل غير المبرر، وإننا في المجلس الانتقالي الجنوبي وإزاء معاناة شعبنا، نؤكد بأننا لن نكون بعيدين عن ملامسة هموم المواطنين، وتقديم الخدمات العامة، وتأمين الاحتياجات الأساسية، وستكون لدينا مجموعة من الخيارات والاجراءات الإدارية اللازمة لمعالجة أوضاع الخدمات، بما في ذلك إعادة النظر كلياً في مصادر الطاقة.
إننا نُحيي صبر جماهير شعبنا الأبي، ونؤكد أن صبره واستبساله رغم الظروف المعيشية الصعبة، إنما هو تعبير واضح عن وعيه الوطني وارتباطه الوثيق بقضيته الوطنية، وأن ذلك لمحل تقديرٍ كبيرٍ واعتزازٍ وفخرٍ لدينا في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ولقد أثبت هذا الشعب أنه يسير نحو هدفه الوطني بإرادة صلبه وعقيدة صادقة.
نؤكد على دعم شعبنا الجنوبي العظيم في التعبير السلمي عن مطالبه وحقوقه، ووقوفنا في صفه وإلى جانبه، واستعدادانا الكامل لتصدر صفوف الدفاع عن حقه، وحمايته، من كافة المؤامرات والممارسات غير المشروعة التي تستهدف حياته، وكرامته، ومستقبله السياسي، وحقه في العيش الكريم، كما إننا في الوقت ذاته لن نسمح بأي عمليات تخريب تستهدف الممتلكات العامة والخاصة، وتهدد الأمن والسلم الاجتماعي في كافة مدن ومحافظات جنوبنا الحبيب.
يا جماهير شعبنا الجنوبي العظيم
إننا في المجلس الانتقالي الجنوبي نؤكد على شراكتنا الاستراتيجية مع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، وعلى شراكتنا الإقليمية والدولية في جهود مكافحة الإرهاب والتطرف، كما نجدد تمسكنا باتفاق الرياض، وضرورة استكمال تنفيذ بنوده، ونشدد على دعمنا لوقف شامل للحرب، والدخول في عملية سياسية شاملة تستوعب الأطراف الفاعلة على الأرض، وتعالج المسببات الحقيقية للصراع، وفي طليعة ذلك قضية شعب الجنوب، ونشير إلى ضرورة احترام كافة القرارات الأممية وعلى رأسها قراري مجلس الأمن 924 و 931 لعام 1994م.
نكرر دعوتنا لعودة حكومة المناصفة المنبثقة عن اتفاق الرياض إلى العاصمة عدن، وتحمل مسؤولياتها، وأداء المهام التي تشكلت من أجلها، وفي مقدمتها توفير الخدمات العامة ودفع المرتبات ومعالجة الأزمة الاقتصادية من خلال تنفيذ الشق الاقتصادي من الاتفاق، ونشدد على أن عدم عودة الحكومة إلى العاصمة عدن أو محاولة افتتاح مقار للوزارات خارج العاصمة عدن ما هو إلا تعطيل حقيقي لاتفاق الرياض، بل واستهداف وتقويض لجهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، خدمةً للمشاريع المعادية.
نُحيي أبطال قواتنا المسلحة الجنوبية والأمن في مختلف مواقع الشرف والبطولة، وهم يسطرون أروع صور الشجاعة والإقدام والاستبسال للدفاع عن الوطن الجنوبي وحماية شعبه من مختلف التهديدات، ونهيب بكافة الوحدات الأمنية والعسكرية إلى رفع درجة اليقظة والحذر والجاهزية الكاملة للتصدي لأي أعمال إرهابية تستهدف أمن واستقرار الجنوب.
رحم الله شهداء الجنوب الأبرار، والشفاء العاجل للجرحى الأبطال، والحرية لأسرانا الميامين، وإننا على دربهم ماضون حتى استعادة وبناء دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته