اتّفاق الرياض والتعنّت الإخواني
كتب : خالد الزعتر
تصاعد المواجهات في محافظة أبين لم يكن مستغرباً لأنّ ذلك كان متوقعاً نتيجة الدفع الإخواني باتجاه خلق أرضية خصبة لتفجير الوضع، ولعلّ ما حدث ماقبل ذلك من خروقات إخوانيّة لحالة التهدئة العسكرية في جبهة (الطرية) بمحافظة أبين، يؤكد حالة الإصرار الإخواني على إعادة حالة الصدام مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الواجهة وكسر حالة الثقة التي يتم العمل على بنائها بموجب اتفاق الرياض.
المحاولات الإخوانية لتفجير الوضع الأمني في محافظة أبين والتصادم مع قوات المجلس الإنتقالي، تأتي لتحقيق عدد من الأهداف، الهدف الأول منها هو يعود لما تشكله أبين من أهمية استراتيجية حيث السيطرة عليها يعد مطمحاً إخوانياً كونها منفتحة على البحر العربي، وهذه فرصة مهمة للتنظيم الإخواني لإيجاد منفذ له لفتح قنوات اتصال ودعم مع الأطراف الإقليمية الداعمة له (قطر وتركيا)، والهدف الآخر هو أنّها تعدّ البوابة الشرقية للعاصمة عدن التي ظلّت مطمعاً رئيساً للإخوان، حيث السيطرة عليها يعني ضرب المجلس الانتقالي الجنوبي في مسقط رأسه وتحقيق التغلغل في المحافظات الجنوبية.
والأمر الآخر مرتبط باتفاق الرياض، فعندما ننظر إلى هذا الاتفاق نجد أنّه جاء لينهي حالة الهيمنة الإخوانية على الحكومة اليمنية وأن يلغي كافة أشكال الإقصاء لكافة القوى الفاعلة على الأرض، وبخاصة القوة الجنوبية، وجاء ليؤسس مبدأ الشراكة والتي نجدها في في بند تشكيل الحكومة والذي ينصّ على تشكيل حكومة كفاءات مناصفة ما بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وبالتالي الخاسر الأكبر من اتفاق الرياض ما بعد الجماعة الحوثية هي الجماعة الإخوانية التي ستخسر محاولاتها للهيمنة والسيطرة على الحكومة اليمنية وتسييرها لمصلحتها، وبالتالي فإنّ هذا كما يقولون هو “مربط الفرس”، وبالتالي محاولات التباطؤ والتلكؤ لتنفيذ بنود الاتفاق تقف خلفها محاولات إخوانية ترى أنّ مصلحتها تكمن في إجهاض هذا الاتفاق والعودة إلى حالة التأزّم الأمني والتي كانت سائدة ما قبل اتفاق الرياض.
وبالتالي فإنّ الهدف الأخر خلف محاولات تفجير الوضع في محافظة أبين، وإعادة التصادم العسكري مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي هو العمل على عرقلة تنفيذ “اتفاق الرياض”، بخاصة وأنّ ميليشيات الإخوان تدرك جيداً أنّ تنفيذ (الشقّ السياسي من اتفاق الرياض) عبر تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، يعني قطع الطريق أمام محاولات الإخوان في السيطرة على الشرعية اليمنية وتسييرها لخدمة مصالحهم، وبالتالي تحاول عبر تفجير الوضع الأمني خلق أرضية خصبة لفرض شروطها والعمل على تأخير تنفيذ الشق السياسي من الاتفاق.
أحداث الصدام في محافظة أبين تعيد التأكيد أنّ الإخوان ما يزالون يصرّون على ضرب وحدة الصف لخدمة الإرهاب الحوثي، وبالتالي يعيدون تأكيد المؤكد بأنّهم جزء من الأزمة التي تعيشها اليمن، ومن الصعوبة بمكان أن يكون جزءاً من الحل لهذه الأزمة، فعندما ننظر إلى دخول الحوثيين إلى صنعاء وانقلابهم على الشرعية، كان الإخوان عاملاً مساهماً في التمهيد لهذه الخطوة، وذلك بالاجتماعات والترتيبات بين الجماعة الإخوانية والحوثيين في 2014، والتي أسفرت عن التوصّل إلى هدنة بين الطرفين وصدور أوامر إخوانية لمقاتليها بعدم الدخول في صدام مع الحوثيين، ما فرض على 40 ألف مقاتل تابعين للجماعة الإخوانية عدم التصادم مع الحوثي في خروجه من صعده باتجاه محافظة عمران إلى السيطرة على العاصمة صنعاء.
وبالتالي نجد أنّ الانقلاب الحوثي على الشرعيّة وتمكّنهم من دخول صنعاء لم يكن ليمر بهذه السهولة لولا وجود مساهمة إخوانية سعت لتمهيد الطريق للجماعة الحوثية، واليوم وتؤكد الأحداث الحالية أنّه ما يزال هناك التزام من قبل التنظيم الإخواني باستمرارية دعم الإرهاب الحوثي، وذلك عبر الإصرار على تشتيت الجهود الرامية لإنهاء الانقلاب الحوثي وتثبيت شرعية الدولة اليمنية، إذ ما يزال يصرّ الإخوان على استكمال خدمة الحوثيين عبر محاولات شق الصف وخلق صراعات جانبية مع القوات الجنوبية لا تخدم إلا الأهداف الحوثية.