عند ما يفتقد رأس الدبلوماسية للدبلوماسية
– من يعرقل تنفيذ اتفاق الرياض؟؟؟
– وقفة مع الزميل عبد العزيز جباري
– حضرموت أرض الأساطير ومهبط الأنبياء
– ماذا تبقى من الأعياد الوطنية اليمنية !!
– الحرب اليمنية ولغز آينشتاين
– لماذا يعيقون تنفيذ اتفاق الرياض؟؟؟!!!
أظهر خطاب وزير الخارجية اليمنية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن رأس الدبلوماسية اليمنية يفتقد إلى الكثير من مبادئ وأبجديات العمل الدبلوماسي.
لن يصدق جيل ما بعد الألفين الميلادية أن هذا الشاب حديث التخرج قد حل محل أسماء محفورة في ذاكرة التاريخ، أمثال طيبي الذكر الأساتذة سالم صالح محمد ومحمد سالم با سندوه د أبوبكر القربي و د عبد العزيز الدالي والمرحومين عبد الله الأصنج ود. عبد الكريم الإرياني ومحمد صالح مطيع وغيرهم حينما يستمع إلى خطاب المذكور والذي بدا فيه وكأنه عفاش يخطب في ميدان السبعين عن “النظام الكهنوتي” وثورة سبتمبر المجيدة و”الجيش اليمني الذي لا يقهر” و”الشعب اليمني الموحد” الإرادة ومعانقة “شمسان وعيبان” وغيرها من العبارات الشعاراتية التي من المؤكد أنها قد خلقت مللاً مضاعفا لدى المتابعين ممن لا تعني لهم شيئا يذكر.
لنأتي إلى النقطة الجوهرية في كلمته وهي ما يتعلق بدول التحالف العربي المؤيد للشرعية والتي تقدم لها بالشكر في بداية كلمته ثم عاد لينسف هذا الشكر في منتصف الخطاب عندما اتهم دولة الإمارات (وهي الشريك الرئيسي الثاني للمملكة العربية السعودية في هذا التحالف) بأنها تسعى لتشطير اليمن وتساند المجلس الانتقالي الجنوبي (الانقلابي كما يقول) والمليشيات الخارجة عن الشرعية والمتمردة عليها.
لست بصدد مناقشة مصداقية هذا الكلام من عدمه فقد ورد على ألسنة مئات المتدربين على الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ذات اللون الواحد، والمكرسة سياساتها فقط لمحاربة كل ما هو جنوبي، لكن الواضح أن حكومة الشرعية ما تزال تبحث عن المراهقين وعديمي الخبرة ومنعدمي الكفاءة لتستقطبهم إلى صفها، وبهذا تصر على أن تظهر مدى إفلاسها أمام المجتمع الدولي قاطبة دونما أي حرص على التمييز في العلاقة بين الشركاء والتعامل مع الأعداء والخلط الفاضح بين الأصدقاء والأعداء.
من الواضح أن خطاب الوزير الشاب يكرس وجهة نظر الطرف الحزبي والأيديولوجي الذي اختطف الشرعية من الرئيس الشرعي ويبعث لهذا الطرف رسالة تطمين فحواها: ها أنا قد وفيت بوعدي لكم، وإلا لجاء خطابه أكثر رزانةً وتوازناً.
لو كان هذا الشاب المبتدئ يمتلك قدرًا ولو ضئيلاً من الخبرة الدبلوماسية لاكتفى بما تضمنه خطابه عن الشكر للتحالف العربي وتقديم جوهر المشكلة المتعلقة بالصراع مع المشروع الإيراني ووكلائه في اليمن، وترك قضية الخلاف مع دول التحالف للمناقشة مع زملائه في الخارجيتين السعودية والإماراتية ولا شك أنه كان سيعثر معهم على حل لقضايا الخلاف، لكن الفاشلين من هواة التهريج والاستمتاع بإثارة الجدل لا يبحثون للمشاكل عن حلول بل يبحثون عن متهمين يلقون عليهم تبعات فشلهم، وهذا ما فعله الوزير في أول خطاب له أمام ممثلي كل دول العالم.
من الواضح أن إعادة هيكلة الشرعية قد غدت ضرَورة ملحة ليس فقط لاستئصال المحسوبية والمحاباة والفساد والذي استحكم في كل مفاصلها بل ولخلق حالة من التناغم والانسجام بين الشرعية والمدافعين عنها فمن غير المعقول ولا المنطقي أن تقوم الدولة المدعومة القائمة على ما يقدمه لها الداعمون بالتهجم والتآمر على داعميها في حين تتطفل عليهم ويستثمر فاسدوها في دعمهم السخي لها.
وزير خارجية الشرعية الذي يتقاضى مرتبه الشهري من خزائن دول التحالف العربي ذكرني بقصة ظلَّ الشهيد الأستاذ عمر الجاوي عليه رحمة الله يكررها عن عباس، ذلك المتسول الصنعاني ذي الأصول التركية الذي كان يمد يده للمتصدق متهجما بتعالٍ وغرور قائلاً “ادِّي قرش لسيدك عباس”.