عاجل : الرئيس الزبيدي في خطابه السنوي بمناسبة ذكرى اعلان عدن “الإدارة الذاتية” مستمرة وتمثّل معركة الشعب على الفساد والفاسدين
وجّه الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، القائد للقوات المسلحة الجنوبية، خطاباً هاماً للشعب الجنوبي بمناسبة الذكرى الثالثة لإعلان عدن التاريخي، فيما يلي نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل “ربّنا آتنا من لدُنك رحمةً وهيئ لنا من أمرنا رشداً” والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الشعب الجنوبي العظيم
أيها الأحرار الميامين … المكافحون لنيل الحرية والاستقلال
أيها الجنوبيون في الداخل والخارج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في هذا اليوم العظيم، نجدد تهنئتا لكم ولكافة المسلمين في سائر بقاع الأرض بشهر رمضان المبارك، شهر الرحمة الذي نتمنى من الله أن يعيده وقدّ تحقق لشعبنا ما يصبو إليه، كما نسأله تعالى أن يرفع عن الإنسانية وباء كورونا الذي أثقل كاهل الجميع في كل مكان. وإذ يصادف اليوم الذكرى الثالثة لإعلان عدن التاريخي، نرسل إليكم جميعاً تحية الوفاء والنصر، تحية العهد الذي قطعناه سوياً في ساحات الحرية من أجل قضية الشعب التي لا بد لها أن تنتصر، تحية الصدق والإرادة التي تمثلت في كفاح رفاق السلاح لتحرير هذه الأرض الطاهرة، واستعادة حريتها وحمايتها من كل طامع يهدد أمنها ويعكر صفو أهلها. تحية لصمود الشعب الذي مررنا ونمر معه في مراحل صعبة نخرج منها دائماً منتصرين ونحن نقود سفينة الوطن، متحملين تفويضاً شعبياً مخضباً بدماء الشهداء، وأنين الجرحى، ومعاناة المعتقلين، وسيشهد التاريخ أنني لن أحيد أبداً عن تحقيق أهداف قضية شعبنا المتمثلة في التحرير والاستقلال.
نتحدث إليكم مجدداً، لنؤكد لكم أن الإرادة الشعبية الجنوبية التي انطلقت في الرابع من مايو 2017م، مستمرة في ممارسة دورها وواجبها الوطني تجاه قضية شعب الجنوب، ثابتون من خلالها حتى تحقيق جميع أهدافنا الوطنية، فشعبنا الجنوبي العظيم يستحق وطناً حراً وآمناً له هويته التي يعتز بها في الماضي والحاضر والمستقبل، وطناً لكل ابناءه على قاعدة التصالح والتسامح والمساواة والتوافق والشراكة الوطنية الصادقة.
ولقد حرصنا في هذه الذكرى أن نقدم لكم حصيلة سنوية نذكر فيها المسارات التي عملنا عليها في سبيل تحقيق الهدف الوطني السامي، معتمدين على الله ثم على إرادة الشعب الصلبة التي طالما تكسرت عليها كل مؤامرات خصوم هذا الوطن وهذا الشعب، حازمين، وحريصين كل الحرص على الخروج بمكاسب وطنية من كل مرحلة مهما بلغت التعقيدات فيها، محافظين على حقوق ومكتسبات شعبنا غير منقوصة ومصالح قضيتنا العادلة مستمدين قوتنا من الشعب صاحب القرار ومالك السلطة.
أيها الشعب الجنوبي العظيم
إن المجلس الانتقالي الجنوبي وهو يعمل طيلة العام دون كلل أو ملل، قد طور كثيراً من بنيته المؤسسية، حيث حرصنا أن تقوم مؤسسات المجلس وهيئاته بدورها على أكمل وجه، مهتمين في إشراك جميع شرائح المجتمع الجنوبي في العمل الوطني انطلاقا من مبدأ الشراكة الذي لن نحيد عنه.
لقد بذلنا جهداً كبيراً في تفعيل العمل المؤسسي في الهيئات المركزية للمجلس، وكذلك في القيادات المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، وهناك نتائج إيجابية في هذا الجانب، ويجب أن نقيم قدراً من الاعتبار لحالة الإقصاء واللا تنظيم التي فُرضت على الجنوبيين وحاول المحتل من خلالها إنتاج واقعاً يصعب إصلاحه، وبالنظر إلى ذلك فإن الأداء كان جيداً، وسنظل متابعين لأداء مؤسساتنا عبر مؤشرات قياس دقيقة حرصاً منّا على تطوير أدائها حتى نصل سوياً إلى مرحلة متقدمة نمارس فيها جميعاً العمل بشكل منظّم وأكثر إنتاجية.
وعلى المستوى الخارجي، واصلنا اتصالاتنا المكثفة مع دوائر صناعة القرار الدولي والإقليمي، وعلى رأسها الدول الراعية للعملية السياسية وأعضاء مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، وحرصنا من خلالهم على اطلاع المجتمع الدولي أولاً بأول على مستجدات الأوضاع على الأرض في كل الجوانب، ومناقشة الفاعلين الدوليين في مختلف الملفات والقضايا، ولقد تقدمنا كثيرا في ذلك، فلا يكاد يخلو يوماً واحداً من الاتصالات الخارجية، حيث استفدنا كثيرا من آلية الاتصال المستمر معهم، واستطعنا ملئ الفراغ الذي طالما حاول خصوم قضية شعب الجنوب ملئه بصورة مشوهة ومعلومات مغايرة للواقع، ولقد بات العالم والإقليم على دراية واسعة عن الوضع أكثر من أي وقت مضى.
وقد قلت لكم قبل عامين إن المرحلة القادمة تتطلب وعياً شعبياً ودعماً جماهيرياً مستمر، وأخبرتكم إننا قادمون على فرض خياراتنا السياسية، وإن عدالة قضيتنا وإرادة شعبنا الجنوبي العظيم كفيلة بذلك، واليوم أجدد هذه الدعوة مضيفاً إن المرحلة القادمة تتطلب تماسكاً شعبياً وإدراكاً بعظمة الأهداف وحجم القرارات، ولنظهر قدراتنا الكامنة من خلال إثبات أننا جديرون بإدارة المرحلة، هذا يتحقق عندما يقوم كل شخص بدوره على أكمل وجه، ولا يوجد هناك أي أحد لا يقع على عاتقه دور أو مسؤولية.
أيها الجنوبيون الأحرار
إن صناعة الواقع السياسي الذي يخلق البيئة الصالحة لبناء مستقبل آمن لم يكن بالأمر السهل، ولقد بدأ منتصف العام الماضي بتحديات كبيرة تمثلت في الجانب العسكري والأمني والجانب الاقتصادي، حينها كانت الجبهات القتالية على أشدها، ولم تكن التحديات الأمنية أقل منها، علاوة على الملف الاقتصادي الذي عانى منه الشعب بسبب الحكومات اليمنية المتعاقبة التي حرصت على تنفيذ العقاب الجماعي بحق الجنوبيين في كل الملفات المناطة بها.
ولقد قدم الشعب الجنوبي في سبيل مواجهة هذه التحديات العسكرية والأمنية الكثير من التضحيات، طيلة العام، مئات الشهداء والجرحى في وادي حضرموت وشبوة وأبين والعاصمة عدن والضالع ولحج والساحل الغربي وأرخبيل سقطرى، كان على رأس هؤلاء الشهيد القائد منير محمود اليافعي “أبو اليمامة” رحمه الله، الذي غيّر برحيله مجرى الأحداث، والكثير من الشهداء الميامين والجرحى الأبطال، ولم نزل جميعاً مصممين على المضي قدماً حتى تأمين الحماية الكاملة للجنوب الغالي بدءً بحدوده وانتهاءً بأمنه الداخلي.
يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم
إن رؤيتنا للحل واضحة، وأهدافنا الوطنية أيضاً واضحة، ويدرك العالم أجمع تطلعاتنا المشروعة، ولا شك إن التعقيد الذي تواجهه عملية السلام في ملف الأزمة في الجنوب واليمن، ينطلق من محاولة الأطراف السياسية بكل ما أوتيت من قوة تجاوز واقع الجنوب، غير أن ذلك بات طريقاً غير معبد، ولم يعد صوت الجنوب ذلك الصوت الذي يمكن إخفائه، إن هدير الشعب ثورة تستدعي الاحترام والاعتبار، والشعب الجنوبي وحده من سيقرر مصيره السياسي، وهذا كله لا ينفي ضرورة السير بوعي وتوازن وإدراك كامل الأركان لكل ما حولنا من ظروف دون أي تنازلات عن أهدافنا وتطلعاتنا المنشودة.
لقد كان توقيعنا “اتفاق الرياض” خطوة مهمة حظيت باهتمام كبير من قبل الشركاء الإقليميين والأصدقاء الدوليين، ولقد تعاطينا أثناء المفاوضات بشكل إيجابي ومسؤول. كان الهدف من “اتفاق الرياض” تعزيز استقرار وأمن المنطقة، وتوحيد الجهود التي يدعمها التحالف العربي ضد التمدد الإيراني، إلا أن ذلك لم يرق للحكومة اليمنية التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين، والمتنفذين من تجار الحروب، حتى وإن أظهروا عكس ذلك.
وقد ظهر ذلك جلياً في مرحلة التنفيذ، حيث بذلت وحدة شؤون المفاوضات بالمجلس الانتقالي الجنوبي جهودٌ جبّارة لتسهيل تنفيذ الاتفاق، قوبل ذلك بإجراءات غير مبررة من قبل جانب الحكومة اليمنية، بهدف عرقلة تنفيذ الاتفاق، ورغم محاولاتنا المتكررة وحرصنا على التنفيذ، إلا أن الخروقات المستمرة طيلة أشهر حالت دون ذلك، في تعبير واضح عن الأهداف الحقيقية المبطّنة للحكومة اليمنية، فسقوط الجوف وأجزاء من مأرب لم يمنع عملية التعزيزات المستمرة تجاه شبوة وأبين، ولم يكن الحوثي هدفاً حقيقياً لهذه المنظومة، بل ظلّت العاصمة عدن هدفهم وليس صنعاء، غير إن ذلك لن يكون.
أيها الشعب الجنوبي العظيم
لقد حاولت الحكومة اليمنية من خلال عرقلة وصول الرواتب والتغذية والوقود وكذلك العتاد والذخيرة إلى الجبهات التي تقودها قواتنا الجنوبية الباسلة خلق حالة من التذمر واليأس في أوساط القوات المرابطة. وعلى المستوى الشعبي في محافظات الجنوب تمت ممارسة العقاب الجماعي الممنهج من خلال تعطيل عمل المؤسسات العامة والخدمات الأساسية وتوقيف رواتب وتفشي الفساد، علاوة على عدم إيجاد أية معالجات جادة لأزمة انهيار العملة وتبعاتها على الاقتصاد الوطني، رغم تحذيراتنا المستمرة منذ 2018م.
على إثر ذلك دقينا ناقوس الخطر، لا سيما مع تزايد مخاوف انتشار وباء كورونا المستجد، ووقوع كارثة السيول وما خلفته من دمار هائل ومؤسف طال كافة مقومات الحياة في عدن، الأمر الذي دفعنا وعلى إثر عرقلة الحكومة اليمنية تنفيذ اتفاق الرياض وغيابها المتعمّد عن القيام بأي دور يلامس هموم الناس واحتياجاتهم وينتشل المدينة من وضعها المأساوي، إلى المبادرة لتولي دفة المسؤولية مباشرة بما يسهم في تخفيف حدة المعاناة عن أبناء شعب الجنوب الصابر المحتسب، وذلك من خلال اتخاذ قرار “الإدارة الذاتية للجنوب”.
جاء ذلك بعد متابعة دقيقة من قبلنا وبحرص كبير، رأينا فيها تزايد حجم معاناة الشعب، المعاناة التي وضحها بيان هيئة الرئاسة الذي تم إعلانه يوم الخامس والعشرين من ابريل 2020م، والمتضمن قضايا عدم صرف رواتب وأجور منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية والمتقاعدين والمدنيين، والتوقف عن دعم الجبهات المشتعلة بالسلاح والذخائر والغذاء ومتطلبات المعيشة، والتوقف عن رعاية أسر الشهداء وعلاج الجرحى، وتأجيج التناحر الوطني والسعي لزعزعة وتمزيق اللحمة الوطنية، ودعم الإرهاب وقوى التطرف، وتردي الخدمات العامة وفي مقدمتها البنية التحتية للكهرباء والمياه والطرق والذي أظهرته بشكلٍ جليٍ كارثة السيول الأخيرة.
لقد تعرضت مقدرات الجنوب طيلة ثلاثة عقود إلى تدمير ممنهج طال كل مقوماته، وحال دون إحداث أي تنمية، في تجربة كارثية لم يمر بها أيٍ من الشعوب الأخرى، لذلك فإن “الإدارة الذاتية” تمثّل معركة الشعب على الفساد والفاسدين، وتجار الحروب، وعليه نمد أيدينا لقوى التحرير والاستقلال للمشاركة الفاعلة في معركة تحرير مؤسسات الشعب وموارده وحقوقه، باعتبار استعادة مؤسسات الدولة هي اللبنة الأولى لاستعادة الوطن. وهذه دعوة لكافة القوى الجنوبية الحرة، والنخب الفاعلة، والشخصيات البارزة والمؤثرة، وذوي الاختصاص، هذه حقوقكم وحقوق أبناءكم، فليقم الجميع بدوره المأمول كلاً في مجاله، ولا بد للعاصمة عدن أن تستعيد مكانتها المشرّفة.
إن مسؤولية إنقاذ الشعب وحمايته والحفاظ على منجزات ثورته وانتصاراته وضمان مستقبله الآمن، تقع على عاتقنا جميعاً، لذلك فإنني أدعوكم إلى الالتفاف حول قيادة المجلس لتنفيذ إجراءات الإدارة الذاتية للجنوب، من خلال مساعدة اللجان ذات الاختصاص والتي تشرف مباشرة وتراقب أداء المؤسسات والمرافق العامة وتكافح الفساد بالهيئات المركزية والمحلية، بما يحقق إدارة ذاتية رشيدة.
يا أبناء شعبنا الجنوبي العظيم
لقد وجهنا الإدارة الذاتية للعمل المتسارع وبوتيرة عالية من خلال اللجان المختصة والسلطات المحلية في عدن وسائر محافظات الجنوب للعمل على احتواء وباء كورونا المستجد، ومحاصرته ومنع انتشاره، علماً بأن الوقاية من هذا الوباء لن تتحقق دون التعاون التام من قبل كافة المواطنين والتزامهم بالإجراءات الاحترازية المعلنة. واستشعاراً منَّا بالمسؤولية تجاه شعبنا، بادرنا منذ اللحظة الأولى لعمل الإدارة الذاتية على تفعيل عمل جهات الاختصاص للكشف والوقاية وتوجيه كافة الجهود نحو حماية المواطن وسلامته.
كونوا عوناً للجهات المختصة واللجان الطبية والميدانية في عدن وكافة محافظات الجنوب، والتزموا بالإجراءات الاحترازية الصادرة عن الجهات ذات الصلة، وثقوا بأننا سنبذل كلما في وسعنا لاجتياز هذه الأزمة بسلام، وكلنا ثقة في أنكم جميعاً على قدرٍ عالٍ من الوعي، فلا يشغلنكم كثرة الشائعات التي تسعى إلى إحباط معنوياتكم وزعزعة ثقتكم، فقد اجتزنا معاً الكثير من المصاعب والأزمات وبتعاوننا وتكاتفنا سنجتاز معاً هذه الأزمة بإذن الله تعالى.
نثمّن عالياً جهود الطواقم الطبية، التي تمثل خط دفاعنا الأول، ولا ننسى جهودهم في مواجهة الوباء. إن الأطباء والمساعدين والممرضين وكافة العاملين في القطاع الصحي قد بذلوا الكثير من أجل هذا الوطن، فلم يكونوا يوماً متأخرين، بل مبادرين دائماً في الصفوف الأولى في كافة الأزمات التي ألمّت بالجنوب، ولن ننسى مواقفهم أبداً في وقت الحرب، وسنذكر دائماً مواقفهم العظيمة المتمثلة في حماية أرواح الناس، وإنقاذ حياتهم، وجبر مصابهم. أوجه لكم باسم شعب الجنوب تحية خالصة، وأدعوكم إلى الاستمرار في جهودكم الجبارة، فالرهان اليوم يقع عليكم، ولا تلتفتوا إلى من يحاول النيل منكم أو من شرف مهنتكم وتضحياتكم وصبركم.
نعمل وبحسب الإمكانيات المتاحة للتغلب على التحديات برغم الظروف والبيئة الصحية التي تفتقر إلى أبسط مقومات الرعاية الصحية، لذلك نهيب بكافة الأشقاء والأصدقاء في المجتمع الإقليمي والدولي والمنظمات الدولية وعلى رأسهم الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ومنظمة الصحة العالمية إلى تقديم الدعم العاجل لإسناد جهودنا من أجل التغلب على هذه الجائحة، وذلك من خلال توفير الأدوية والأجهزة والمعدات اللازمة للكشف عن الوباء، وتدريب الطواقم الطبية للتعامل مع الحالات المصابة أو المشتبه حملها للفايروس. كما نناشدهم مد يد العون والمساعدة من أجل دعم جهودنا في رفع أضرار ومخلفات السيول والفيضانات التي اجتاحت عدن مؤخراً وخلَّفت أضراراً جسيمة في الأرواح والممتلكات، وتعويض المتضررين جرّاء تلك الفيضانات.
أيها الجنوبيون في الداخل والخارج
نؤكد على شراكتنا الاستراتيجية المتينة مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الشراكة التي عمّدناها سوياً بدمائنا الطاهرة، وتضحياتنا المشتركة، ولا شك إننا بتنا جميعاً في خندقٍ واحدٍ نحمل أهدافاً نبيلة ومشتركة تتمثل في حماية الأمن القومي للمنطقة، والقضاء على خطر الإرهاب والتطرف فيها.
ولقد بدأنا مشروع مكافحة الإرهاب منذ اللحظة الأولى ما بعد التحرير بإشراف مباشر من دولة الإمارات العربية المتحدة في إطار عملها ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة، ولا شك إن الإرهاب مثّل تحدياً كبيراً خاصةً إننا بدأنا مرحلة التأسيس من الصفر، وأصبحت لدينا تجربة مشرّفة، وسوف نستمر في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، ولن يثنينا عن ذلك شيئاً. ولن ننسى أبداً التضحيات التي قدمها شعبنا في هذا الجانب، ولن ننسى أيضاً كل من استهدفهم الإرهاب وآخرهم موظفي الهلال الأحمر الإماراتي في عدن. سنظل حاضرين، ولا بد أن تتكشّف الكثير من الأوراق في المرحلة القادمة، وسيرى الشعب كيف تورّطت أطراف كبيرة وقيادات معروفة ضمن صفوف الحكومة اليمنية بدعم الإرهاب وممارسة التطرف.
عملنا على الارتقاء بعلاقتنا الاستراتيجية مع التحالف العربي، على قاعدة المصالح المشتركة، وعلى رأسها تطلعات شعبنا المتمثلة في استعادته لسيادته على أرضه كجزءٍ أصيلٍ من تأمين المنطقة وضمان حمايتها واستقرارها.
نؤكد على أهمية الأعراف والقيم الدولية في علاقاتنا مع دول العالم، وعلى التزامنا بالقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مؤكدين بذات الوقت على حقنا المشروع والمكفول في استعادة حقوق شعبنا وقضيته العادلة والمشروعة كحق تقره إرادة الشعب، وهذه القوانين والأعراف، وكون ذلك جزء أساسي في إرساء دعائم السلام وتأمين مضيق باب المندب وخليج عدن وخطوط الملاحة البحرية.
أيها الجنوبيون، أيتها الماجدات الجنوبيات
نقدّر صبركم وصمودكم، ونثمن استعدادكم لبذل كل ما يمكن في سبيل استقلال الجنوب، وندرك حاجتكم لخطوات جديدة، وإن ذلك ليس بالصعب لو تجاهلنا كل الحسابات، لذلك، نؤكد لكم مجدداً إن فرض الواقع المغاير يسير بخطى واثقة ومدروسة، مجددين تأكيدنا السابق على السير بكم في طريق آمن نحقق من خلاله كل ما نصبو إليه.
أيها الشعب
إن التحرير، واستعادة واستقلال وبناء الجنوب وطن كامل السيادة مشروع سامي قدمنا جميعاً من أجله قوافل من الشهداء، وإننا ماضون في ذلك بكم، وبعزمكم، وبإرادتكم الفذة، وبصبركم وصمودكم. إنني والله لفخور بكم، وإن الأمانة التي حملتموني إياها لم تكن سهلة، غير إنني قد أمضيت عقوداً محارباً من أجلها وحارب الناس كذلك كلاً في مجاله واختصاصه، لذلك كونوا عوناً لنا كما عهدناكم، وإننا على ذلك لا يغيرنا شيء.
يا أبطال قواتنا المسلحة ومقاومتنا الجنوبية الباسلة
إن دوركم البطولي الثابت هو صمام الأمان الذي نفاخر به، فأنتم اليوم من يذود عن سيادة الوطن، وحماية أمن مواطنيه، نجدد التحية الكبيرة والخاصة لكم أيها الأبطال الميامين، أيها الشجعان الأشاوس، يا من رفعتم اسم هذا الوطن عالياً بصدقكم وإخلاصكم وعقيدتكم الوطنية الخالصة، ندعوكم إلى الثبات المعهود، ولتكن بنادقكم جاهزة دائماً .. حفظ الله أرواحكم من كل شر.
أحييكم جميعاً، يا من تستحضرون أهمية هذه الذكرى، ولنستمر في العمل من أجل هذا الوطن، بمزيدٍ من الجهد، والإنتاجية، ولننتقل جميعاً إلى مرحلة متقدمة، فالتاريخ يكتب ويدون.
الرحمة والخلود للشهداء الأبرار
الشفاء العاجل للجرحى الميامين
الحرية للأسرى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العاصمة عدن
04 مايو، 2020