«منفذ عفار».. المصيدة الحوثية التي التهمت أموال التجّار وضاعفت معاناة اليمنيين
يصطلي ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة مليشيات #الحوثي المدعومة من #إيران، تحت جحيم الأسعار التي تتصاعد باستمرار في السلع الأساسية وكل ما له علاقة بحياة المواطنين ومعيشتهم والتي وصلت إلى مستويات غير معقولة.
وقالت مصادر محلية متعددة إن أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في تصاعد مستمر منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة #صنعاء أواخر العام 2014، الأمر الذي أفقد السكّان القدرة الشرائية بعد خسارتهم مصادر دخلهم وانعدام العمل وعرقلة وصول المساعدات إليهم من قبل المليشيات.
ويبرر التجّار هذا الإرتفاع بأنه نتيجة للضرائب والجبايات والإتاوات التي تفرضها عليهم مليشيات الحوثي بشكل متواصل بدءً من المنافذ الجمركية التي استحدثتها على مداخل المدن وأبرزها منفذ “عفار” بمحافظة البيضاء وانتهاءً بعشرات الحملات التي تطلقها بين الحين والآخر في المدن الخاضعة لسيطرتها تحت مسمّيات متعددة أبرزها “المجهود الحربي”.
*مصيدة عفار
ويعد “جمرك عفار” بمديرية الملاجم شمال محافظة البيضاء أبرز هذه المنافذ التي استحدثتها المليشيات الحوثية ودشّنت العمل فيه مطلع أغسطس 2017، وأصبح يشكّل كابوساً على التجّار والمسافرين والمغتربين على حد سواء حيث تفرض على البضائع والمقتنيات والمواد القادمة من المناطق المحررة جمارك جديدة بنسبة 100%.
ويعتبر منفذ عفار أحد المراكز الجمركية التي استحدثتها المليشيات الحوثية على مداخل المدن الخاضعة لسيطرتها خلال 2017 وهي: منفذ ذمار، وميتم في إب- قعطبة، ومنفذ في سفيان بمحافظة عمران، وآخر وسط مدينة عمران، ومنافذ في صنعاء (رقابة صنعاء)، وفي شوابة أرحب شمالي صنعاء، وآخر في الحديدة.
وقال أحد التجّار في حديث لـ”أوام أونلاين” إنه يضطر لتسديد رسوم جمركية جديدة في “عفار” على البضائع والمعدات التي يستوردها رغم أنه سبق وأن دفع رسوم الجمارك في المنافذ الحكومية في شحن أو العبر. مؤكّداً أن جميع التجّار يجبرون على دفع رسوم جمركية للحوثيين على بضائعهم رغم أنهم قد دفعوا رسوما عليها في المنافذ الحكومية الرئيسية على مداخل البلاد، سواء الموانئ البحرية أو المنافذ البرية، كمنفذ الوديعة ومنفذي شحن ونشطون بالمهرة.
وأضاف التاجر الذي فضل عدم الكشف عن هويّته خوفاً من انتقام الحوثيين، إنه وجميع التجّار يتعرّضون لممارسات ابتزازية من قبل القائمين على منفذ عفار، حيث يقومون باحتجاز شاحناتهم التي تحمل السلع والبضائع لأيام وأحياناً تصل لأكثر من شهر ويجبرونهم على دفع المبالغ المطلوبة بالقوّة، وهو ما يضاعف الكلفة عليهم وبالتالي على المستهلك.
وأشار إلى أن هذه الرسوم وغيرها من الجبايات التي يفرضها الحوثيون كبّدته خسائر مالية كبيرة حيث يضطر إلى رفع أسعار السلع وهو ما أدى إلى تراجع في الإقبال على الشراء من قبل المواطنين بسبب أوضاعهم الاقتصادية المتدهورة.
*أزمات وأرباح
وأنت في طريقك إلى صنعاء عبر محافظة البيضاء، تتفاجأ بوقوف عشرات الشاحنات التي تحمل المشتقّات النفطية والغاز المنزلي على امتداد الطريق في منطقة عفار، وستتفاجأ بشكل أكبر حينما تشاهد طوابير السيارات أمام محطات النفط في صنعاء وتستمع لشكاوى الأهالي من انعدام الغاز المنزلي وارتفاع أسعارها.
يقول مصدر مطّلع لـ”أوام أونلاين” أن الحوثيين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى احتجاز ناقلات النفط والغاز على مداخل المدن الخاضعة لسيطرتهم ومنها منفذ عفار، لغرضين رئيسيين: أولاً ابتزاز ملّاك الشاحنات وإجبارهم على دفع رسوم جمركية، وثانياً افتعال أزمة لدى المواطنين بما يتيح له المساومة ورفع الأسعار ورفد أسواقها السوداء بشحنات الوقود.
وأكد المصدر أن المليشيات الحوثي تجني أرباحاً مهولة من تجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي في مئات الأسواق السوداء التي أنشأتها مؤخّراً في صنعاء وغيرها من المدن.
*سياسة الإفقار
وعلى سبيل المثال، احتجزت المليشيات الحوثية مطلع سبتمبر 2018، نحو 200 شاحنة تحمل بنزين وغاز منزلي، وأجبرتها على التوقف في نقطة “عفار” قرابة شهر، في الوقت الذي كانت تشهد فيه صنعاء والمناطق المحيطة أزمة خانقة في الغاز المنزلي واضطرت الكثير من الأسر لاستخدام الحطب والكراتين لطهي طعامهم.
وحينها، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر شاحنات النفط والغاز وهي متوقفة على جنبات الطريق في منطقة عفار بالبيضاء لمسافة طويلة جداً، بعد أن رفضت المليشيات السماح لها بالمرور قبل القبول بالشروط ودفع المبالغ المفروضة.
وعلّق وزير الإعلام معمر الإرياني ، في حسابه على التويتر، على هذا الفيديو بالقول: “هكذا تحتجز المليشيا الحوثية الايرانية عشرات القاطرات المحملة بالمشتقات النفطية والغاز، القادمة من محافظة مأرب في نقطة عفار بمحافظة البيضاء، وتفرض عليها رسوم إضافية لرفع أسعارها وافتعال أزمة في المشتقات النفطية في استمرار لسياسة الافقار والتجويع التي تنتهجها بحق المواطنين”
*آثار كارثية
ومنذ مطلع أبريل 2017، أصدرت الغرفة التجارية بصنعاء، عدداً من البيانات المنددة والمحذّرة من خطورة الجبايات التي تفرضها مليشيات الحوثي “بطرق غير قانونية”، من خلال استحداث منافذ جمركية “تتم فيها إعادة الإجراءات الجمركية التي تمت في المنافذ والدوائر الجمركية التابعة للحكومة، واستيفاء رسوم وجبايات غير قانونية”.
وأشارت الغرفة التجارية في أحد بياناتها إلى أن هذه الإجراءات الحوثية “التعسفية عبارة عن عقاب جماعي للقطاع التجاري برمته، وستدفعهم إلى التوقف عن الاستيراد، وإذا حدث أن توقف التجار عن الاستيراد فإنّ الوطن سيدخل في مجاعة وكارثة محققة”.
وحينها، حذّر وزير الادارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح، من خطورة استحداث الحوثيين منافذ جمركية ونقاط عسكرية لاحتجاز القوافل الاغاثية وفرض رسوم غير قانونية على السلع الداخلة إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقال الوزير فتح ، في تصريح نقلته وكالة سبأ الرسمية: “ان مثل هذه النقاط غير القانونية ساهمت بشكل كبير في تردي الوضع الانساني في تلك المحافظات ولا يحتمل مزيد من المضايقات والتعسفات بحق المواطنين وينذر بكارثة إنسانية “.
*إيرادات مهولة
وكشفت تقارير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي الخاص باليمن، عن أموال مهولة تجنيها مليشيات الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها تحت مسميات الضرائب والجمارك وغيرها، منها 407 مليارات ريال حصلت عليها خلال العام 2019، من إيرادات الجمارك والموانئ وأموال الضرائب والرسوم التي تطبق على شركات الاتصالات.
ورغم هذه الأموال الضخمة التي تأتي إلى جانب الأموال الأخرى التي تجنيها من حملات الجبايات الدورية التي تفرضها تحت مئات المسميّات، إلا أنها ترفض صرف مرتبات الموظفين وموازنات المؤسسات الخدمية لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.
*أوام أونلاين